في الثلج فإنه أجزاء جمدية صغار سقافة خالطها الهواء ونفذ فيها الضوء فيتخيل أن هناك بياضا و كما في البلور والزجاج المسحوقين سحقا ناعما فإنه يرى فيهما بياض مع أن أجزاءهما المتصغرة لم ينفعل بعضها عن بعض عند الاجتماع حتى يحدث فيهما اللون و كما في موضع الشق من الزجاج وفي بعض النسخ من الشفاف الثخين فإنه يرى ذلك الموضع أبيض مع كونه أبعد من حدوث البياض فيه وقد مرت هذه الأمثلة في صدر الكتاب قالوا والسواد يتخيل بضد ذلك وهو عدم غور الهواء والضوء في عمق الجسم ومنهم من قال الماء يوجب السواد أي يوجب تخيله لما يخرج الهواء يعني أن الماء إذا وصل إلى الجسم ونفذ في أعماقه أخرج منها الهواء وليس إشفافه كإشفاف الهواء حتى ينفذ الضوء إلى السطوح فتبقى السطوح مظلمة فيتخيل أن هناك سوادا وأيضا فإن الثياب إذا ابتلت مالت إلى السواد فدل ذلك على أن الماء يوجب تخيل السواد وقيل السواد لون حقيقي فإنه لا ينسلخ عن الجسم البتة فدل ذلك على أنه حقيقي بخلاف البياض فإن الأبيض قابل للألوان كلها والقابل لها يكون خاليا عنها واعترض عليه بأن عدم الانسلاخ لا يدل على كونه حقيقيا إذ يجوز أن يكون سبب تخيله لازما لبعض الأجسام على أن سواد الشباب ينسلخ بالشيب وأهل الإكسير يبيضون النحاس برصاص مكلس وزرنيخ مصعد وبأن انسلاخ البياض لا يدل على أنه تخيلي لجواز أن يكون حقيقيا مفارقا والقابل للشيء لا يجب أن يكون عاريا عنه وإلا امتنع اتصافه به فلا يكون قابلا له وقال ابن سينا في موضع من الشفاء أي في فصل توابع المزاج من المقالة الثانية من الفن الرابع من الطبيعيات لا أعلم حدوث البياض بطريق آخر سوى الطريق التخيلي فلا يثبت عنده حينئذ كون البياض لونا حقيقيا في شيء من الصور و قال في موضع آخر أي في المقالة
(٦٤٥)