المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٦٥٣
المقصد الثالث الظلمة عدم الضوء عما من شأنه أن يكون مضيئا والدليل على أنه أمر عدمي رؤية الجالس في الغار الخارج ولا عكس وما هو إلا لأنه ليس أمرا حقيقيا قائما بالهواء مانعا من الإبصار ولو قيل كما أن شرط الروية ضوء يحيط بالمرئي فقد يكون العائق ظلمة تحيط به لم يكن بعيدا فرع منهم من جعل الظلمة شرطا لرؤية بعض الأشياء كالتي تلمع بالليل عن الضوء القوي كما في النهار فينفعل عن الضعيف وذلك كالهباء الذي يرى في البيت ولا يرى في الشمس الظلمة عدم الضوء عما من شأنه أن يكون مضيئا فالتقابل بينهما تقابل العدم والملكة والدليل على أنه أمر عدمي رؤية الجالس في الغار المظلم الخارج عنه إذا وقع في الخارج ضوء ولا عكس أي لا يرى الخارج الجالس وما هو أي ليس الحال المذكور من الجانبين إلا لأنه ليس الظلام أمرا حقيقيا بالهواء مانعا من الإبصار إذا لو كان كذلك لم ير أحدهما الآخر أصلا لوجود العائق عن الرؤية بينهما فتعين أنها عدم الضوء وحينئذ ينتفي شرط كون الجالس في الغار مرئيا فلا يرى دون شرط كون الخارج مرئيا فيرى فلذلك اختلف حالهما قال المصنف ولو قيل كما أن شرط الرؤية ضوء يحيط بالمرئي لا الضوء مطلقا ولا الضوء المحيط بالرائي فقد يكون العائق عن الرؤية ظلمة تحيط به أي بالمرئي لا الظلمة المحيطة بالرائي ولا الظلمة مطلقا لم يكن هذا القول بعيدا وحينئذ تكون الظلمة أمرا موجودا عائقا مع اختلاف حال الجالس والخارج في الرؤية كما ذكر وقد يستدل على كونها عدمية بانا إذا قدرنا خلو الجسم عن النور من غير انضياف صفة آخر إليه لم يكن حاله إلا هذه الظلمة التي نتخيلها أمرا محسوسا في الهواء وليس هناك أمر
(٦٥٣)
مفاتيح البحث: الظلم (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 648 649 650 651 652 653 654 655 656 657 658 ... » »»