الثالثة من علم النفس من كتاب الشفاء قد يحدث البياض بطريق آخر سوى طريق التخيل لوجوه خمسة الأول أن بياض البيض مع كونه شفافا يصير أبيض بعد سلقه وإغلائه بالنار ولم تحدث النار بالطبخ فيه هوائية وتخلخلا حتى يتخيل فيه البياض لأنه بعد الطبخ أثقل مما كان قبله وما ذلك إلا لخروج الهوائية منه وأيضا لو دخلت فيه هوائية وبيضته لكان ذلك خثورة لا انعقادا الثاني الدواء المسمى بلبن العذراء ويتخذه أهل الحيلة وهو خل طبخ فيه المراد سنج حتى انحل فيه ثم يصفى الخل حتى يبقى شفافا في الغاية ثم يخلط هذا الخل المصفى بماء طبخ فيه القلي أولا ثم طبخ المرادار سنج ثانيا وصفي غاية التصفية حتى يصير الماء كأنه الدمعة فإنه ينعقد ذلك المخلوط فيبيض غاية الابيضاض كاللبن الرائب ثم يجف بعد الابيضاض فليس ابيضاضه لأن شفافا تفرق ودخل فيه الهواء وإلا لم يجف بعد الابيضاض لكنه لا يجف إلا بعده فدل ذلك على كثرة الأرضية حينئذ وفي المباحث المشرقية أنه إذا خلط هذان الماءان ينعقد فيه المنحل الشفاف من المرتك ويبيض وليس ذلك لأن شفافا تفرق ودخل الهواء فيه لأن ذلك كان منحلا ومتفرقا في الخل ولا لأن تلك الأجزاء تقاربت حتى انعكس ضوء بعضها إلى بعض فإن حدة ماء القلي أولى بالتفريق بل ذلك على سبيل الاستحالة فليس كل بياض على الوجه الذي قالوه ولقائل أن يقول على هذين الوجهين جاز أن يكون لتخيل البياض سبب آخر لا نعلمه
(٦٤٦)