المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٦٦١
من الألوان قد لا يكون مضيئا وأيضا لو كان الضوء عين اللون لكان بعضه ضدا لبعضه لكنه باطل لأن الضوء لا يقابله إلا الظلمة احتج القائل بأن الضوء هو ظهور اللون لا كيفية زائدة عليه بل الحس كما مر إذا ترقى من الأدنى إلى الأعلى ظن هناك بريقا ولمعانا بأنه يزول الضوء الأضعف بالأقوى كاللامع بالليل مثل اليراعة وعين الهرة فإنه يرى مضيئا في الظلمة ولا يرى ضوؤه في السراج ثم السراج فإنه يرى مضيئا شديدا ويضمحل ضوؤه في ضوء القمر ثم القمر فإنه مضيء ولا ضوء له في الشمس ثم الشمس فإنها الغاية في الإضاءة التي يزول فيها ضوء ما عداها وما هو أي ليس زوال الأضعف بالأقوى إلا لأن الحس لا يدرك الأضعف عند الأقوى ولا زوال ثمة بحسب نفس الأمر بل الحس لما ضعف في الظلمة وكان للامع بالليل قدر من الظهور ظن أن ذلك الظهور كيفية زائدة على لونه ثم إذا تقوى بنور السراج ونظر إلى اللامع لم ير له لمعانا لزوال ضعف البصر وكذا الكلام في السراج والقمر فقد ظهر أن أضواء هذه الأشياء ليست إلا ظهور ألوانها عند الحس كما أن زوالها ليس إلا خفاء ألوانها عنده فلا يكون الضوء كيفية زائدة على اللون وظهوره قلنا هذا تمثيل أي إيراد مثال غايته تجويز أن يكون لذلك الذي ذكرتموه أثر في اختلاف أحوال الإدراكات في قوتها وضعفها بحسب اختلاف الحس في قوته وضعفه ولا يدل على أن الضوء ليس كيفية موجودة زائدة على اللون وظهوره إذ قد مر أن الحس لا ينفعل عن الأضعف الموجود في نفسه عند انفعاله عن الأقوى فيجوز أن يكون للامع مثلا ضوء مغاير للونه إلا أنه لا يرى في ضوء السراج
(٦٦١)
مفاتيح البحث: الظنّ (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 656 657 658 659 660 661 662 663 664 665 666 » »»