الهيثم مستدلا على أن الضوء شرط لوجود اللون أنا نرى الألوان تضعف بحسب ضعف الضوء فكلما كان الضوء أقوى كان اللون أشد كلما كان أضعف كان أضعف فكل طبقة من الضوء شرط لطبقة من اللون لانتفاء الثانية بانتفاء الأولى فإذا انتفت طبقات الأضواء كلها انتفت أيضا طبقات الألوان بأسرها وهذا يوجب أن هذه الألوان التي هي في ضمن هذه الطبقات تنتفي في الظلمة لانتفاء شروطها التي هي طبقات الأضواء فينتفي اللون المطلق أيضا لأن العام لا يوجد إلا في ضمن الخاص ولما احتمل أن يكون للون طبقة توجد في الظلمة فقط ولا يحس بها فيوجد للون المطلق في ضمنها قال ويحدس منه انتفاء اللون مطلقا فاعترف بأن ما ذكره محتاج إلى الحدس فلا يكون حجة على الغير مع أن لقائل أن يقول المختلف بحسب مراتب الأضواء هو الرؤية المشروطة بها لا اللون في نفسه فيكون للرؤية مراتب جاء وخفاء بحسب شدة الأضواء وضعفها مع كون المرئي الذي هو للون باقيا على حالة واحدة وأنت تعرف أن مذهب أهل الحق أن الرؤية سواء كانت متعلقة بالألوان أو بغيرها أمر يخلقه الله في الحي على وفق مشيئته ولا يشترط بضوء ولا مقابلة ولا غيرهما من الشرائط التي اعتبرها الحكماء والمعتزلة على ما سيأتي في مباحث رؤية الله تعالى وإنما لا نتعرض لأمثاله للاعتماد على معرفتك بها في موضعها فعليك برعاية قواعد أهل الحق في جميع المباحث وإن لم نصرح بها
(٦٥٢)