ويحضروها هذا القصر فترسل في صحنه ونقعد نحن في المنظر ونغلق باب الدرج ونبعث إليه حتى يحضر ويدخل من باب القصر فإذا صار في الصحن أغلق الباب وخلي بينه وبينها في الصحن قال علي بن يحيى: وكنت أنا وأبن حمدون في الجماعة، ففعل ابن خاقان ما أمره به ودعى علي بن محمد الهادي فلما دخل أغلق الباب والسباع قد أصمت الاسماع من زئيرها، فلما مشى في الصحن يريد الدرجة مشت إليه السباع وقد سكتت فما يسمع لها حس حتى تمسحت به ودارت حوله وهو يمسح رأسها بكمه ثم ضربت السباع بصدورها إلى الأرض وربضت فما همست ولا زأرت حتى صعد الدرجة، وتحدث عند المتوكل مليا ثم انحدر ففعلت السباع كفعلها الأول ثم ربضت فما سمع لها حس ولا زئير حتى خرج علي بن محمد الهادي (ع) من الباب الذي دخل منه فركب وانصرف إلى منزله، فاتبعه المتوكل بمال جزيل صلة له، فقال علي بن الجهم: فقمت وقلت للمتوكل: يا أمير المؤمنين إفعل كما فعل ابن عمك ومر على السباع، ثم قال المتوكل: لجلسائه والله لئن بلغتم هذا أحدا من الناس لأضربن أعناق هذه العصابة كلهم قال: فوالله ما جسر أحد ممن شاهد ذلك أن يتكلم به حتى مات المتوكل.
ويروى أن جماعة كانوا عند الحسن بن علي الأطروشي بمصر وكان عنده رجل من أولاد الزبير ينازعه ويقول له: أنتم معشر العليين إذا وليتم تستحلون الأموال، وتستعبدون الاسرار وتقولون: الناس خول لنا فأنشأ الحسن بن علي يقول:
يقول: أناس بأنا نقول * بأن الأنام عبيد لنا فلا والذي جعل المصطفى * أبانا وفاطمة أمنا