شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٨
عملوا فيها بما يبصرون، وبادروا فيها ما يحذرون، تقلب أبدانهم بين ظهراني أهل الآخرة، ويرون أهل الدنيا يعظمون موت أجسادهم، وهم أشد اعظاما لموت قلوب أحيائهم.
* * * الشرح:
بين ظهراني أهل الآخرة، بفتح النون، ولا يجوز كسرها، ويجوز " بين ظهري أهل الآخرة "، لو روى، والمعنى في وسطهم.
قوله عليه السلام: " كانوا قوما من أهل الدنيا وليسوا من أهلها "، أي هم من أهلها في ظاهر الامر وفي مرأى العين وليسوا من أهلها، لأنه لا رغبة عندهم في ملاذها ونعيمها، فكأنهم خارجون عنها.
قوله: " عملوا فيها بما يبصرون "، أي بما يرونه أصلح لهم، ويجوز أن يريد أنهم لشدة اجتهادهم قد أبصروا المآل، فعملوا فيها على حسب ما يشاهدونه من دار الجزاء، وهذا كقوله عليه السلام: " لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ".
قوله عليه السلام: " وبادروا فيها ما يحذرون "، أي سابقوه، يعنى الموت.
قوله عليه السلام: " تقلب أبدانهم "، هذا محمول تارة على الحقيقة، وتارة على المجاز، اما الأول فلأنهم لا يخالطون الا أهل الدين ولا يجالسون أهل الدنيا، واما الثاني فلأنهم لما استحقوا الثواب كان الاستحقاق بمنزله وصولهم إليهم، فأبدانهم تتقلب بين ظهراني أهل الآخرة، أي بين ظهراني قوم هم بمنزلة أهل الآخرة، لان المستحق للشئ نظير لمن فعل به ذلك الشئ.
ثم قال: هؤلاء الزهاد يرون أهل الدنيا إنما يستعظمون موت الأبدان، وهم أشد استعظاما لموت القلوب، وقد تقدم من كلامنا في صفات الزهاد والعارفين ما فيه كفاية
(٨)
مفاتيح البحث: الموت (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317