لفلان ولمن يولد له أو أجزت لك ولولدك وعقبك ما تناسلوا كان ذلك أقرب إلي الجواز من الأول ولمثل ذلك أجاز أصحاب الشافعي رضي الله عنه في الوقف القسم الثاني دون الأول وقد أجاز أصحاب مالك وأبي حنيفة رضي الله عنهما أو من قال ذلك منهم في الوقف القسمين كليهما وفعل هذا الثاني في الإجازة من المحدثين المتقدمين أبو بكر بن أبي داود السجستاني فانا روينا عنه انه سئل الإجازة فقال قد أجزت لك ولأولادك ولحبل الحبلة يعني الذين لم يولدوا بعد واما الإجازة للمعدوم ابتداء من غير عطف علي موجود فقد أجازها الخطيب أبو بكر الحافظ وذكر انه سمع أبا يعلي بن الفراء الحنبلي وأبا الفضل بن عمروس المالكي يجيزان ذلك وحكي جواز ذلك أيضا أبو نصر بن الصباغ الفقيه فقال ذهب قوم إلي انه يجوز ان يجيز لمن يخلق قال وهذا إنما ذهب إليه من يعتقد ان الإجازة اذن في الرواية لا محادثة ثم بين بطلان هذه الإجازة وهو الذي استقر عليه رأي شيخه القاضي أبي الطيب الطبري الامام وذلك هو الصحيح الذي لا ينبغي غيره لان الإجازة في حكم الاخبار جملة بالمجاز علي ما قدمناه في بيان صحة أصل الإجازة فكما لا يصح الاخبار للمعدوم لا تصح الإجازة للمعدوم ولو قدرنا ان الإجازة اذن فلا يصح أيضا ذلك للمعدوم كما لا يصح الاذن في باب الوكالة للمعدوم لوقوعه في حالة لا يصح فيها المأذون فيه من المأذون له وهذا أيضا يوجب بطلان الإجازة للطفل الصغير الذي لا يصح سماعه قال الخطيب سألت القاضي أبا الطيب الطبري عن الإجازة للطفل الصغير هل يعتبر في صحتها سنه أو تمييزه كما يعتبر ذلك في صحة سماعه فقال لا يعتبر ذلك قال فقلت له ان بعض أصحابنا قال لا تصح الإجازة لمن لا يصح سماعه فقال قد يصح ان يجيز للغائب عنه ولا يصح السماع له واحتج الخطيب لصحتها للطفل بان الإجازة إنما هي إباحة المجيز له ان يروي عنه والإباحة تصح للعاقل وغير العاقل قال وعلي هذا رأينا كافة شيوخنا يجيزون للأطفال الغيب عنهم من غير أن يسألوا عن مبلغ أسنانهم وحال تمييزهم ولم نرهم أجازوا لمن يكن مولودا في الحال قلت كأنهم رأوا الطفل أهلا لتحمل هذا النوع من أنواع تحمل الحديث ليؤدي به بعد حصول أهليته حرصا علي توسيع السبيل إلى بقاء الاسناد الذي اختصت به هذه الأمة وتقريبه من رسول الله صلى الله عليه وسلم النوع السادس من أنواع الإجازة إجازة ما لم يسمعه المجيز ولم يتحمله أصلا
(١٠٩)