الرواية بالمناولة حكي ذلك عن الزهري ومالك وغيرهما وهو لائق بمذهب جميع من سبقت الحكاية عنهم أنهم جعلوا عرض المناولة المقرونة بالإجازة سماعا وحكي أيضا عن قوم مثل ذلك في الرواية بالإجازة وكان الحافظ أبو نعيم الأصبهاني صاحب التصانيف الكثيرة في علم الحديث يطلق أخبرنا فيما يرويه بالإجازة روينا عنه أنه قال أنا إذا قلت حدثنا فهو سماعي وإذا قلت أخبرنا على الاطلاق فهو إجازة من غير أن أذكر فيه إجازة أو كتابة أو كتب إلي أو أذن لي في الرواية عنه وكان أبو عبيد الله المرزباني الخباري صاحب التصانيف في علم الخبر يروي أكثر ما في كتبه إجازة من غير سماع ويقول في الإجازة أخبرنا ولا يبينها وكان ذلك فيما حكاه الخطيب مما عيب به والصحيح والمختار الذي عليه عمل الجمهور وإياه اختار أهل التحري والورع المنع في ذلك من إطلاق حدثنا وأخبرنا ونحوهما من العبارات وتخصيص ذلك بعبارة تشعر به بأن يقيد هذه العبارات فيقول أخبرنا أو حدثنا فلان مناولة وإجازة أو أخبرنا إجازة أو أخبرنا مناولة أو أخبرنا إذنا أو في إذنه أو فيما أذن لي فيه أو فيما أطلق لي روايته عنه أو يقول أجاز لي فلان أو أجازني فلان كذا وكذا أو ناولني فلان وما أشبه ذلك من العبارات وخصص قوم الإجازة بعبارات لم يسلموا فيها من التدليس أو طرف منه كعبارة من يقول في الإجازة أخبرنا مشافهة إذا كان قد شافهه بالإجازة لفظا كعبارة من يقول أخبرنا فلان كتابة أو فيما كتب إلي أو في كتابه إذا كان قد أجازه بخطه فهذا وإن تعارفه في ذلك طائفة من المحدثين المتأخرين فلا يخلو عن طرف من التدليس لما فيه من الاشتراك والاشتباه بما إذا كتب إليه ذلك الحديث بعينه وورد عن الأوزاعي أنه خصص الإجازة بقوله خبرنا بالتشديد والقراءة عليه بقوله أخبرنا واصطلح قوم من المتأخرين على إطلاق أنبأنا في الإجازة وهو الوليد بن بكر صاحب الوجازة في الإجازة وقد كان أنبأنا عند القوم فيما تقدم بمنزلة أخبرنا والى هذا نحا الحافظ المتقن أبو بكر البيهقي إذ كان يقول أنبأني فلان إجازة وفيه أيضا رعاية لاصطلاح المتأخرين والله أعلم وروينا عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ رحمه الله أنه قال الذي أختاره وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري أن يقول فيما عرض على المحدث فأجاز له روايته شفاها أنبأني فلان وفيما كتب إليه المحدث من مدينة ولم يشافهه بالإجازة كتب
(١١٤)