بالخصوص في كل شئ مسلمين لإمامهم الأخذ علمه من الله ومن رسوله في كل ما أنهاه إليهم في شئ شئ مطيعين لما أمرهم الله تعالى حيث قال: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. وحيث قال: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم.
وأما ما ترى من اجتهاد بعض (1) متأخري أصحابنا وتدوينهم الأصول وخوضهم في الفضول فإنما ذلك لشبهة جرت فيهم من مخالفيهم كما بينا وجهه في مسفوراتنا مع احتمال أن يكون سبب حدوثه فيهم أولا مصلحة رأوها ومماشاة مع مخالفيهم راعوها لئلا يزعموا أن دقائق العلم ليست فينا ثم صار ذلك شبهة لمن تأخر عنهم جرت فيهم ثم سرت في ذويهم وعلى التقديرين فليس ذلك قادحا في منزلتهم العليا ولا سببا لالحاقهم بالفرقة الأولى، حاشاهم عن ذلك، فإن لهم حقوقا جمة على هذه الفرقة الناجية الجليلة لترويجهم (2) المذهب الحق بمساعيهم الجميلة ورفعهم جل التقية عن كثير من العباد والبلاد، فجزاهم الله عنا خير الجزاء وحشرهم مع أئمتهم يوم التناد.
وهؤلاء الفرقة الثانية يرجعون إلى إمامهم في التفقه حين تيسر لهم ذلك وإلا فهم أيضا صنفان، بصير ومستبصر وبعبارة أخرى فقيه ومتفقه وبعبارة ثالثة خاصي وعامي وإن شئت فسمهما المجتهد والمقلد فلا مشاحة في الألفاظ.
أما بصيرهم وهو الذي له فهم وذكاء وقوة قدسية وزهد في الدنيا وورع في الدين فكيفية التفقه عنده أن يتبع محكمات الكتاب والسنة ومحكمات أحاديث أهل - البيت عليهم السلام مما صح عنهم فيستفهم منها ما يجب اعتقاده وما يجب أن يعمل به ويشيده بشواهد عقله القويم وفهمه المستقيم ويؤيده بواردات ترد على ذهنه المصفى بأعماله الصالحة المرضية وقلبه المنور بنور أخلاقه المهذبة الزكية فإن شرف العقل لا يخفى ولولاه لما عرف الشرع وكأنه شرع من داخل كما أن الشرع عقل من خارج وهما يتعاضدان ويتظاهران إلى أن يصيرا كأنهما متحدان وفي الحديث: ما أدى العبد