عليكم أن تضعوا (1) أصولا بل فيه تنبيه على النهي عن ذلك كما يشعر به تقديم الظرف فلا يجوز لنا التفريع إلا على أصولهم.
وثانيا: - أن المراد بالحديثين أن نعمد إلى ما ألقوا إلينا من الأحكام الكلية التي تكون مواردها متحدة فنستخرج منها أحكاما جزئية بالبرهان اليقيني الموافق لأحد الأشكال الأربعة المنطقية لا التي اختلفت مواردها ويحتاج إلى استنباط أحكامها بالظن والتخمين وشتان ما بين الأمرين وذلك مثل قولهم عليهم السلام: لا تنقض اليقين أبدا بالشك ولكن تنقضه بيقين آخر، فإنا نفهم من هذا الأصل يقينا أن المتيقن للطهارة الشاك في الحدث لا يجب عليه الطهارة، والمتيقن لطهارة ثوبه الشاك في وصول نجاسة إليه لا يجب عليه غسله، والمتيقن لشعبان الشاك في دخول شهر رمضان لا يجب عليه الصيام إلى غير ذلك من الفروع الجزئية. ومثل قولهم: كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي، وقولهم: كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه، وقولهم: كل ما غلب الله عليه من أمر فالله أعذر لعبده وقولهم: إذا خرجت من شئ ثم شككت فيه فشككت ليس بشئ، إلى غير ذلك من الأصول الكلية التي تتفرع عليها الجزئيات (2)].
ثم لا تظنن أن العلم [بصدق مضمون أخبار المعصومين عليهم السلام (3)] لا بد أن يكون كالعلم بوجودهم في الوضوح والإنارة والقوة أو تواترها كتواتره وإلا فهي أخبار آحاد لا تفيد إلا ظنا، كلا كيف ولو زعمت ذلك فما أراك تستيقن بإمامتهم، لأن قوة علمك بإمامتهم ليست كقوة علمك بوجودهم ولا تواترها كتواتره قطعا بل أراك لم تعرف بعد أن اليقين كالظن له مراتب في القوة والضعف، وأنه تزداد بازدياد نوري العقل والشرع واعتضاد كل منهما بالآخر، وأن في الأحكام الشرعية يكتفي بأقل مراتبه