عمر ثم إن عمر استقبل القبلة وقال اللهم لك الحمد إذ لم تمتني حتى غلبت علي أبا سفيان على رايه فاذللته لي بالاسلام قال فاستقبل القبلة أبو سفيان وقال اللهم لك الحمد الذي لم تمتني حتى جعلت في قلبي من الاسلام ما ذللت به لعمر ففي هذا الخبر قضاء عمر بعلمه فيما قد علمه قبل ولايته والى هذا ذهب أبو يوسف ومحمد والشافعي وأبو ثور سواء عندهم علم القاضي قبل ان يلي القضاء أو بعد ذلك في مصره كان أو غير مصره له ان يقضي في ذلك كله عندهم بعلمه وقال أبو حنيفة ما علمه قبل ان يلي القضاء أو راه في غير مصره لم يقض فيه بعلمه لأنه شاهد واحد في ذلك وما علمه بعد ان استقضي أو راه بمصره قضى في ذلك بعلمه لأنه في ذلك قاض لا يحتاج ان يضم إليه فيما يقضي به غيره وهذا القول مأخوذ من اجتماع السلف وجمهورهم على أن ما أقر به المقر عند القاضي وهو قاض يومئذ انه يقضي به واتفق أبو حنيفة وأصحابه ان القاضي لا يقضي بعلمه في شيء من الحدود لا فيما علمه قبل ولايته ولا فيما (علمه) بعد ذلك ولا فيما راه بمصره ولا بغير مصره وقال (الشافعي) وأبو ثور حقوق الناس وحقوق الله سواء (في ذلك) والحدود وغيرها في ذلك (سواء) جائز ان يقضي القاضي في ذلك كله بعلمه وقال مالك وأكثر أصحابه لا يقضي القاضي في شيء من الأشياء بما علمه لا قبل ولايته ولا بعدها ولا يقضي القاضي الا بالبينات أو الاقرار وبه قال احمد (بن حنبل) و (هو قول) شريح والشعبي وفي هذا الحديث أيضا ايجاب الحكم بالظاهر دون اعمال الظن والاستحسان الا ترى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في المتلاعنين بظاهر أمرهما وما ادعاه كل واحد منهما ونفاه صاحبه واحلفهما بايمان اللعان ولم يلتفت إلى (غير) ذلك وكانت المراة حاملا فقال صلى الله عليه وسلم ان جاءت بالولد على صفة كذا وكذا فهو للزوج وان جاءت به على صفة كذا وكذا فهو للذي رميت به فجاءت به على النعت المكروه فلم يلتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك لان الشبه قد ينتزع (عنه) وقد لا ينتزع بل امضى حكم الله فيما بعد ان سمع منها ولم يعرج على الظن ولا أوجب بالشبهة
(٩٥)