الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٩٤
عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله (وان نقوم بالحق حيث ما كنا لا نخاف في الله لومة لائم) (1) وقول الله عز وجل * (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله) * [النساء 135] وحديث عائشة في قصة هند بنت عتبة مع زوجها أبي سفيان بن حرب في قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) (2) ولم يكلفها بينة لأنه علم صدق قولها من قبل زوجها وحاله التي عرف منه وقالوا انما يقضي (بما يسمع) فيما طريقه السمع من الاقرار والبينة واما ما كان طريقه علمه فإنه يقضي فيه بعلمه ولهم في هذا الباب منازعات أكثرها تشغيب والسلف من الصحابة والتابعين مختلفون في قضاء القاضي بعلمه على حسب اختلاف فقهاء الأمصار من ذلك ومما احتج به من قال إن القاضي يقضي بعلمه فيما قضى به علمه مع ما قدمنا ذكره ما رويناه من طريق (غير واحد) عن عروة وعن مجاهد جميعا بمعنى واحد ان رجلا من بني مخزوم استعدى عمر بن الخطاب على أبي سفيان بن حرب انه ظلمه حدا في موضع كذا وكذا فقال عمر اني لاعلم الناس بذلك وربما لعبت انا وأنت فيه ونحن غلمان فإذا قدمت مكة فاتني بابي سفيان فلما قدم مكة اتاه المخزومي بابي سفيان فقال له عمر يا أبا سفيان (انهض بنا إلى موضع كذا فنهضوا ونظر عمر فقال يا أبا سفيان) خذ هذا الحجر من هنا فضعه ها هنا فقال والله لا افعل ذلك (فقال عمر والله لتفعلن فقال لا والله لا افعل فقال) والله لتفعلن فقال لا افعل فعلاه عمر بالدرة (3) وقال خذه - لا أم لك - وضعه ها هنا فإنك قديم الظلم فاخذ أبو سفيان الحجر ووضعه حيث قال
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»