الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٩٢
واما علم صحيح متيقن متبين فلا سبيل إليه والله أعلم وأما قوله (فلعل بعضكم ان يكون الحن بحجته من بعض) يعني افطن لها واجدل بها قال أبو عبيدة اللحن بفتح الحاء الفطنة واللحن بجزم الحاء الخطا في القول وفيه ان القاضي انما يقضي على الخصم بما يسمع منه من اقرار أو انكار أو بينات على حسب ما أمكنته السنة في ذلك وفيه ان القاضي يقضي بكل ما يقر به عنده (المقر) لمن ادعى عليه لقوله صلى الله عليه وسلم (فاقضي (له بمعنى اقضي) عليه بما اسمع منه يريد أو من بينة المدعي لان هذا هو الذي يسمع مما يحتاج ان يقضي به ولو أقر المقر عنده في مجلس حكمه بما قد استوعب سماعه منه ثم جحد المقر اقراره ذلك ولم يحضر مجلسه ذلك (شهيدان وجب على (القاضي) الحاكم (القضاء) بما سمع حضرة أحد أو لم يحضره هذا قول جمهور الفقهاء وهو قول الكوفيين والشافعيين وغيرهم واستحب مالك - رحمه الله - ان يحضره شاهدان وأجاز في ذلك شهادة العدل وغيره ولو علم أن ما شهد به الشهود على ما شهدوا به ان ينفد علمه في ذلك دون شهادتهم وذلك دليل على أن ذلك استحباب عنده والله الموفق للصواب وفي ذلك أيضا رد وابطال (للحكم بالهوى وبالظنون أيضا) قال الله عز وجل * (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) * الآية [ص 26] وقد احتج بعض أصحابنا بهذا الحديث في رد حكم القاضي (بعلمه) لقوله (فاقضي له على نحو ما اسمع منه ولم يقل على نحو ما علمت منه أو من قصته قال وانما تعبدنا بالحكم بالبينة والاقرار وهو المسموع الذي قال فيه (صلى الله عليه وسلم) (انما اقضي على نحو ما اسمع) وذلك المسموع من المقر في مجلس الحكم
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»