الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٥٥١
ولم يكونوا أهل الف فاجتووا (1) المدينة فامر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بزود ولقاح وان يخرجوا من المدينة فيشربوا من البانها وأبوالها وقال بعضهم في هذا الحديث فامرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يخرجوا إلى إبل الصدقة فيشربوا من البانها وأبوالها فانطلقوا فلما كانوا بناحية الحرة كفروا بعد اسلامهم وقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستاقوا الإبل مرتدين فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في اثرهم فأدركوا [وأتى بهم] فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم ومنهم من يقول وسمر أعينهم وتركوا بناحية الحرة يكدمون حجارتها حتى ماتوا (2) قال قتادة فبلغنا ان هذه الآية نزلت فيهم * (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا) * [المائدة 33] وممن قال إن الآية نزلت في أهل الكفر الحسن وعطاء وقال أكثر أهل العلم نزلت في كل من قطع الطريق وأخاف السبيل واخذ المال قتل أو لم يقتل على ما نذكر فمن اختلافهم في جزاء المحارب هل هو على الاستحقاق أو على تخيير الامام فيه وانكر الفقهاء أن تكون الآية نزلت في أهل الشرك لان الله عز وجل قال في المحاربين * (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم) * [المائدة 34] وقد اجمع علماء المسلمين على أن الكفار إذا انتهوا وتابوا من كفرهم غفر لهم كل ما سلف وسقط عنهم كل ما كان لزمهم في حال الكفر من حقوق الله عز وجل وحقوق المسلمين قبل ان يقدروا عليهم [وبعد ان يقدروا عليهم] ويصيروا في أيدي المسلمين فلا يحل قتلهم باجماع المسلمين ولا يؤخذ بشيء جنوه في مال أو دم فدل ذلك على أن الآية تنزل في أهل الشرك والكفر وهذا هو الصحيح لان المحاربين يؤخذون بكثير من ذلك مما يؤخذ منهم
(٥٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 546 547 548 549 550 551 552 553 554 555 556 ... » »»