النخل شيئا دون صاحبه وذلك أنه يصير له أجيرا بذلك يقول أساقيك على أن تعمل لي في كذا وكذا نخلة تسقيها وتأبرها واقارضك في كذا وكذا من المال على أن تعمل لي بعشرة دنانير ليست مما اقارضك عليه فان ذلك لا ينبغي ولا يصلح وذلك الامر عندنا قال أبو عمر تشبيه مالك صحيح لان القول في المساقاة كالمعنى الواحد لا تجوز في واحد منهما الزيادة على الخبر الذي يقع عليه الشرط والعقد فيهما لأنه إذا كان ذلك كان الاجر ان يكون ذلك الجزء مجهولا وقد أوضحنا هذا المعنى في القراض والحمد لله كثيرا قال مالك (1) والسنة في المساقاة التي يجوز لرب الحائط ان يشترطها على المساقي شد الحظار وخم العين وسرو الشرب وابار النخل وقطع الجريد وجذ الثمر هذا وأشباهه على أن للمساقي شطر الثمر أو أقل من ذلك أو أكثر إذا تراضيا عليه غير أن صاحب الأصل لا يشترط ابتداء عمل جديد يحدثه العامل فيها من بئر يحتفرها أو عين يرفع رأسها أو غراس يغرسه فيها يأتي بأصل ذلك من عنده أو ضفيرة يبنيها تعظم فيها نفقته وانما ذلك بمنزلة ان يقول رب الحائط لرجل من الناس بن لي ها هنا بيتا أو احفر لي بئرا أو اجر لي عينا أو اعمل لي عملا بنصف ثمر حائطي هذا قبل ان يطيب ثمر الحائط ويحل بيعه فهذا بيع الثمر قبل ان يبدو صلاحه وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها قال مالك (2) فأما إذا طاب الثمر وبدا صلاحه وحل بيعه ثم قال رجل لرجل اعمل لي بعض هذه الاعمال لعمل يسميه له بنصف ثمر حائطي هذا فلا بأس بذلك انما استأجره بشيء معروف معلوم قد راه ورضية فأما المساقاة فإنه ان لم يكن للحائط ثمر أو قل ثمره أو فسد فليس له الا ذلك وان الأجير لا يستأجر الا بشيء مسمى لا تجوز الإجارة الا بذلك وانما الإجارة بيع من البيوع انما يشتري منه عمله ولا يصلح ذلك إذا دخله الغرر لان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر قال أبو عمر أراد مالك - رحمه الله - بكلامه هذا بيان الفرق بين المساقاة والإجارة وان المساقاة ليست من الإجارة في شيء فإنها أصل في نفسها كالقراض لا يقاس عنده عليها شيء من الإجارات
(٤٨)