الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٤٦٢
وان احكم بينهم بما انزل الله ان حكمت ولا تتبع أهواءهم فتكون الآيتان محكمتين مستعملتين غير متدافعتين نقف على هذا الأصل في نسخ القران بعضه ببعض لأنه لا يصح الا باجماع لا تنازع فيه أو لسنة لا مدفع لها أو يكون التدافع في الآيتين غير ممكن فيهما استعمالهما ولا استعمال أحدهما ان لا يدفع الأخرى فيعلم انها ناسخة لها وبالله التوفيق واختلف الفقهاء أيضا في اليهوديين من أهل الذمة إذا زنيا هل يحدان إذا رفعهما حكامهم الينا أم لا فقال مالك إذا زنا أهل الذمة أو شربوا الخمر فلا يعرض لهم الامام الا ان يظهروا ذلك في ديار المسلمين فيدخلوا عليهم الضرر فيمنعهم السلطان من الاضرار بالمسلمين قال مالك وانما رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهوديين لأنه لم يكن لليهود يومئذ - ذمة وتحاكموا إليه وقال أبو حنيفة وأصحابه يحدان إذا زنيا كحد المسلم وهو أحد قولي الشافعي قال في كتاب الحدود ان تحاكموا الينا فلنا ان نحكم أو ندع فان حكمنا حددنا المحصن بالرجم لان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين زنيا وجلدنا البكر مائة وغربناه عاما وقال في كتاب الجزية لا خيار للامام ولا للحاكم إذا جاءه في حد الله عز وجل وعليه ان يقيمه عليهم في قول الله عز وجل * (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) * [التوبة 29] والصغار ان يجري عليهم حكم الاسلام وهذا القول اختاره المزني واختار غيره من أصحاب الشافعي القول الأول وقال الطحاوي حين ذكر قول مالك انما رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهوديين لأنه لم تكن لهم ذمة وتحاكموا إليه قال ولو لم يكن واجبا عليهم لما اقامه النبي صلى الله عليه وسلم قال وإذا كان من لا ذمة له قد حده النبي صلى الله عليه وسلم في الزنى فمن له ذمة احرى بذلك قال ولم يختلفوا ان الذي يقطع في السرقة قال أبو عمر سنذكر اختلافهم في حد الاحصان في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله عز وجل
(٤٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 ... » »»