قال أبو عمر قد روي يحنئ بالحاء عن طائفة من أصحاب مالك والمعنى متقارب جدا وقال أيوب عن نافع يجانىء عنها بيده وقال معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر يجافي بيده وفي هذا الحديث جواز سؤال أهل الكتاب عن كتابهم وفي ذلك دليل على أن التوراة صحيحة بأيديهم ولولا ذلك ما سألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها وفي ما ذكرنا دليل على أن ما كانوا يكتبونه بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله هي كتب أحبارهم ورهبانهم كانوا يصنعون لهم كتبا من آرائهم ويضيفونها إلى الله عز وجل ولهذا وشبهه من اشكال امرهم نهينا عن تصديق ما حدثونا به وعن تكذيبه حذرا من أن نصدق بباطل أو نكذب بحق وقد أفردنا لهذا المعنى بابا في كتابنا كتاب بيان العلم وفضله وفي هذا الحديث أيضا دليل على أن من اليهود قوما يكذبون على توراتهم ويسترون منها عن المسلمين ما يشهد للمسلمين ويوافق دينهم لأنهم ذكروا ان الزناة محصنين كانوا أو غير محصنين ليس عليهم في التوراة رجم وكذبوا لان فيها على من أحصن الرجم وفيه ان أهل الكتاب إذا ارتفعوا الينا متحاكمين راضين بحكمنا فيهم وكانت شريعتنا موافقة في ذلك لحكم شريعتهم جاز لنا ان نظهر عليهم بكتابهم حجة عليهم وان لم تكن الشريعة في ذلك الحكم موافقة لحكمهم حكمنا بينهم بما انزل الله تعالى في كتابه القران إذا تحاكموا الينا ورضوا بحكمنا ويتحمل ذلك ان يكون خصوصا لرسول الله صلى الله عليه وسلم والاجماع على أن ذلك لم يعمل به أحد بعده ولقول الله عز وجل " أولم يكفهم انا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم " [العنكبوت 51] والله أعلم واختلف العلماء في الحكم بينهم إذا ترافعوا الينا في صوماتهم وسائر مظالمهم واحكامهم هل علينا ان نحكم بينهم فرضا واجبا أم نحن فيه مخيرون فقال جماعة من فقهاء الحجاز والعراق ان الامام والحاكم يخير ان شاء حكم بينهم إذا تحاكموا إليه بحكم الاسلام وان شاء اعرض عنهم وقالوا ان هذه الآية محكمة لم ينسخها شيء قوله تعالى * (فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين) * [المائدة
(٤٥٩)