الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ١٠٧
واختلف القائلون بهذه المقالة في توبة القاذف إذا حد ما هي فقال مالك إذا تاب وأصلح وحسنت حالة قبلت شهادته اكذب نفسه أو لم يكذب وقال الشافعي توبته ان يكذب نفسه بلسانه كما كان القذف بلسانه وكذلك المرتد كان كفره بلسانه فلا تقبل توبته الا بالايمان حتى ينطق بها بلسانه وقال إسماعيل بن إسحاق انما تفترق توبة المحدود في القذف وتوبة غيره من المحدودين ان توبة القاذف لا تكون حتى يكذب نفسه واكذابه كلام يتكلم به وإذا تكلم به وأصلح في حاله قبلت شهادته وليس سائر المحدودين كذلك قال أبو عمر قول إسماعيل هذا كقول الشافعي (سواء) وهو قول عمر (بن الخطاب) في جماعة الصحابة من غير نكير وروى (سفيان) بن عيينة عن الزهري عن (سعيد) بن المسيب عن عمر (بن الخطاب - رضي الله عنه) - أنه قال لأبي بكرة ان تبت قبلت شهادتك فأبى أبو بكرة ان يكذب نفسه وروى (محمد) بن إسحاق عن الزهري عن (سعيد) بن المسيب ان عمر (بن الخطاب) جلد ابا بكرة ونافع بن الحارث وشبل بن معبد فاما هذان فتابا وقبل عمر شهادتهما واستتاب ابا بكرة فأبى واقام على قوله فلم يقبل شهادته وكان أفضل القوم وروى الزهري وإبراهيم بن ميسرة عن سعيد بن المسيب قال شهد على المغيرة ثلاثة رجال ونكل زياد فجلد عمر الثلاثة وقال لهم توبوا تقبل شهادتكم فتاب رجلان وأبى أبو بكرة فلم تقبل شهادته حتى مات قال إبراهيم بن ميسرة في حديثه وكان قد عاد مثل النصل من العبادة وفي حديث الزهري قال وكان أبو بكرة أخا زياد لامه فلما كان من امره ما كان حلف أبو بكرة الا يكلمه ابدا فلم يكلمه حتى مات قال الزهري توبته ان يكذب نفسه ذكر الخبر عبد الرزاق (1) عن محمد بن مسلم الطائفي عن إبراهيم بن ميسرة عن سعيد بن المسيب (وعن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»