' انطلق إلى هذا الوادي فلا تدع فيه شوكا ولا حاجا ولا حطبا ولا تأتني خمس عشرة '.
فانطلق الرجل فأصاب عشرة فاشترى طعاما بخمسة وكسوة بخمسة ثم رجع إلى النبي [صلى الله عليه وسلم] فقال:
لقد بارك الله لي عز وجل في ما أمرتني به فقال:
' هذا خير لك من أن تجيء يوم القيامة وفي وجهك نكت المسألة '.
ثم قال:
' إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة: لذي دم موجع أو غرم مفظع أو فقر مدقع '.
قال أحمد:
وهذا الحديث المشهور المخرج في كتاب أبي داود يوافق حديث ابن الخيار في أن الصدقة لا تصلح بالفقر لمن له كسب يقوم بكفايته.
ويوافق حديث قبيصة في أن المسألة تصلح لمن تحمل حمالة في دم أو لزمه غرم في مال إلا أنه في حديث أنس رأى في الرجل الذي سأله قوة على الكسب فأمره به ولم يرخص له في المسألة بالفاقة مع القدرة على الكسب وأباحها لذي فقر مدقع.
وذلك إذا عجز عن الكسب ولا يكون له مال يقوم بكفايته وكفاية عياله فتكون له المسألة بالحاجة.
وفي حديث قبيصة بن مخارق تنبيه على ذلك وهو أنه إنما أباح له المسألة عند تحقق الفاقة وإنما تتحقق فاقته إذا لم يكن له مال يغنيه ويغني عياله فإذا كان له أحدهما فلا تتحقق فاقته.
وأباح له المسألة في الجائحة تصيب ماله فتجتاحه حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش.