بصره فهل تكره أن أصنع له طعاما قال لا ولكن لا يقربنك قالت والله ما به من حركة إلى شئ والله ما زال يبكي إذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا قال فقال لي أهلي لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنت امرأة هلال بن أمية أن تخدمه قال فقلت والله ما استأذنه فيها وما أدري ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن استأذنته وهو شيخ كبير وأنا شاب فقلت لامرأتي الحقي بأهلك حتى يقضي الله ما هو قاض وطفقنا نمشي في الناس ولا يكلمنا أحد ولا يرد علينا سلام فأقبلت حتى تسورت جدارا لابن عمي في حائطه فسلمت عليه فما حرك شفتيه يرد علي السلام فقلت أنشدك بالله أتعلم أني أحب الله ورسوله فما كلمني كلمة ثم عدت فلم يكلمني ثم عدت فلم يكلمني حتى إذا كلمت الرابعة أو الثالثة قال الله ورسوله أعلم فرجعت وإني لأمشي في السوق وإذا الناس يشيرون إلي بأيديهم فإذا نبطي من نبط الشام يسأل عني فجعلوا يشيرون له إلي حتى جاءني فدفع إلي كتابا من بعض قومي بالشام قد بلغنا ما صنع بك صاحبك وجفوته عنك فالحق بنا وإن الله عز وجل لم يجعلك بدار هوان ولا دار مضيعة نواسيك في أموالنا قال قلت أنا لله في طمع في أهل الكفر فتيممت له تنورا فسجرته لها فوالله أنا لعلي تلك الحال التي ذكر الله تعالى قد ضاقت علينا الأرض بما رحبت وضاقت علينا أنفسنا صباحية ليلة منذ نهي عن كلامنا أنزلت التوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم آذن رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا حين صلى الفجر فذهب الناس يبشرونا وركض رجل إلى فرس أو سعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل وكان الصوت أسرع من الفرس فنادى يا كعب بن مالك أبشر فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء الفرج فلما جاءني الذي سمعت صوته دفعت له ثوبين بشراه والله ما أملك يومئذ ثوبين غيرهما واستعرت ثوبين
(٥٥)