الزهد وصفة الزاهدين - أحمد بن محمد بن زياد - الصفحة ٣٨
عمر بن عبد العزيز، أتته الدنيا فتركها.
51 - حدثنا أحمد قال: حدثنا بذلك ابن أبي الدنيا قال: حدثنا أبو علي المديني قال: حدثنا فطر بن حماد بن واقد قال: حدثنا أبي قال: سمعت مالك ابن دينار يقول: يقولون ما لك زاهد!! أي زهد عند مالك، وله جبة وكساء، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز أتته الدنيا فاغرة فاها فتركها.
وفيه قول آخر، قاله أبو سعيد:
قال أبو سعيد: هو ترك المحظور كله، وترك الحلال والمباح قبل الحاجة والضرورة إليه، قالوا: فإن أكل قبل أن يجوع، أو شرب قبل أن يعطش، أو رقد قبل أن ينعس، أو جامع قبل حلول الحاجة إليه، فقد مال إلى التلذذ، والتلذذ من الدنيا.
ثم الزهد في الراحة لتكون كل أوقاته مستغرقة الشغل بالعبادة والذكر، فإن لم يكن كذلك، فقد بقي عليه بقية من الزهد. وكذلك في معاشرة الناس، والحديث، والكلام، وكل ما فعل من ذلك قبل وجوبه عليه، أو حاجته إليه، فهو ميل إلى الدنيا، وهو من الفضول، والدنيا بأسرها من الفضول، إلا ما استعين به منها على الآخرة.
قالوا: كيف ذلك، لو تنفل بشئ من أعمال البر وغيرها، إذ لابد منها في الوقت كرجل عليه دين، يمكنه قضاؤه، فيؤخره إلى وقت يأتي، أو صلاة قد وجب فرضها بدخول الوقت، أو حج قد وجب للاستطاعة.
واختلفوا فيه إذا تعالج من علة، فقال قائلون إنما ذلك رغبة في الصحة والحياة الدنيا.
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»