فقد بلغ حد الرضى، وأعرف من الزهد، ومن زهد في كل شئ، فقد بلغ حد الزهد، وأعرف من الورع، من ورع في كل شئ، فقد بلغ حد الورع.
قال أبو سعيد: سمعت جماعة ممن تنسب إلى علم ذلك تقول: أول الزهد إخراج قدرها من القلب، وآخره خروج قدرها حتى لا يقوم لها في القلب قدر، ولا يخطر ببال رغبة فيها، ولا زهد فيها، لأن الرغبة والزهد لا يكونان إلا فيما قام قدره في القلب.
القول الثاني والأربعون:
46 - حدثنا أحمد قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن عاصم قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: قلت لأبي موسى: ما الزهد في الدنيا؟ قال: لا تأس على ما فاتك منها، ولا تفرح بما أتاك منها.
قال أبو سعيد: أحسبه أبو موسى الدملي.
القول الثالث والأربعون، قاله أبو سليمان:
47 - حدثنا أحمد قال: حدثنا عبد الصمد بن أبي يزيد بدمشق قال:
حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان يقول: أهل الزهد على في الدنيا على طبقتين: منهم من يزهد في الدنيا، ولا يفتح له في روح الآخرة، فهو في الدنيا مقيم قد يئست نفسه من شهوات الدنيا، ولم يفتح له في روح الآخرة، فليس شئ أحب إليه من الموت لما يرجو من روح الآخرة. ومنهم من يزهد في الدنيا، ويفتح له في روح الآخرة، فليس شئ أحب إليه من البقاء للتمتع بذكر الله تعالى.
قال الله: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).