الاعتبار - ابن أبي الدنيا - الصفحة ٨١
أكان قبل فراقه آمنا لذلك من فقده أم هو لما بقي باق له لبكائه والحزن عليه أو هو باق بعده فإن لم يكن هذا ولا وهذا فليس للباكي كما على ذلك دليل يتبع ولا قائد يهدي يا أمتاه إن الموت لم يبغتني هو من أجلي إنني كنت عارفا إنه نازل بي فلا يبغتك وسلم الحزن فإنك لم تكوني جاهلة بأني من الذين يموتون يا أمتاه إني كتبت كتابي هذا وأنا أرجو أن تعزي به ويحبس موقعه منك ولا تخلفي ظني ولا تحزني روحي يا أمتاه إني قد علمت يقينا أن الذي أذهب إليه خير من مكاني الذي أنا فيه أظهر من الهموم والأحزان والسقم والنصب والأمراض فاغتبطي عنه لي مذهبي فاستعدي في إجمال الثناء علي إن ذكري من الدنيا قد انقطع من الدنيا بما كنت أذكر به من الملك والرأي فاجعل لي من بعدي ذكرا أذكر به في حلمك وصبرك وطاعة الفقهاء والرضا بما يقول الحكماء يا أمتاه إن الناس سينظرون إن إلى هذا منك وما يكون منك من بين راض وكاره ومدل ومسمع وقائل قولا ومخبر فأحسني إلي ذلك من بعدي يا أمتاه السلام في هذه الدار قليل زائل فليكن عليك وعلي في دار الأبد السلام الدائم فتفكري إلا بتفهم ورغبة بنفسك أن تكوني شبه النساء في الجزع كما كنت لا أرضى أن أكون شبه الرجال في الجزع والاستكانة والضعف ولم يكن ذلك يرضيك مني ومات.
67 - وحدثني عون بن إبراهيم بن الصلت الشامي قال حدثني محمد بن روح المصري قال حدثني محمد بن سليمان الكلبي قال لما مات الإسكندر وهو ذو القرنين خرجت أمه في أحسن زي نساء أهل
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست