فلو كان الأمر على ما ذكروا لم يكن فيهم أكثر أموالا ولا أعظم ملكا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنته فاطمة عليها السلام وقد برأه الله وابنته صلى الله عليه وسلم من ذلك وكان أزهد الناس في الدنيا حتى لقى الله عز وجل حتى كان يناله ما يناله من سهر الليل والغم والاهتمام في أوقية تبقى عنده ويقول هذه التي فعلت ما ترين يا عائشة إني خشيت أن يحدث أمر من أمر الله ولم أمضها ويقول لبلال في أوقيتين أو أوقية ونصف فضلت عنده أنظر أن تريحني منها فإني لست داخلا على أحد من أهلي حتى تريحني منه وأقام في المسجد يومين وليلة لا يدخل منزلا حتى أنفذها بلال فكبر وحمد الله شفقا من أن يدركه الموت وعنده ذلك ثم دخل إلى أزواجه ويقول صلى الله عليه وسلم ما يسرني أن أحدا تحول لآل محمد ذهبا أنفقه في سبيل الله أموت يوم أموت وأدع منه دينارين إلا دينارين أعدهما لدين إن كان وإذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسره أن ينفق مثل أحد ذهبا في سبيل الله والحسنة في سبيل الله بسبع مائة ضعف قال الله عز وجل مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء على أن يبقي له من ذلك ديناران إلا لغريم فكيف يحوز الأموال الكثيرة على ما زعموا لنفسه وابنته وهو صلى الله عليه وسلم يقول لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا ينهاهم عن ذلك ويقلل الدنيا في أعينهم ويزهدهم فيها وهي في عينه صلى الله عليه وسلم أقل وهو فيها أزهد ثم يتخذ زعموا هذه الضياع الكثيرة والأموال الجليلة لنفسه وابنته وأنه صلى الله عليه وسلم مات وما ترك دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا وليدة ولا شاة ولا بعيرا لأن جميع ما صار له صلى الله عليه وسلم جعله صدقة كما ثبتت به الرواية التي ذكرنا ولو رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا لقبل من خزائن الأرض ما لم يعطه أحد قبله ولا يعطاه أحد بعده كما عرضت عليه على أن لا ينقصه ذلك مما عند الله جل ذكره في الآخرة شيئا وجعل ذلك لنفسه وابنته وأهله بل قال يجمع هذا كله لي في الآخرة وجعل له به
(٩٢)