عليه وسلم قال: (أنا فرطكم على الحوض، وليرفعن معي رجال منكم ثم ليختلجن دوني، فأقول: يا رب أصحابي! فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك).
مطابقته للترجمة ظاهرة، وفي أحاديث الباب كلها ذكر الحوض ما عدا حديث أبي هريرة الذي روي عنه عطاء بن يسار على ما يجيء، إن شاء الله تعالى، فلا يحتاج عند ذكرها إلى ذكر وجه المطابقة.
وأخرجه من طريقين: الأول: عن يحيى بن حماد الشيباني البصري عن أبي عوانة الوضاح عن سليمان الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود. الثاني: عن عمرو بن علي بن بحر أبي حفص الباهلي البصري الصيرفي وهو شيخ مسلم أيضا عن محمد بن جعفر عن شعبة عن المغيرة بن مقسم الضبي عن أبي وائل هو شقيق المذكور عن عبد الله.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الفتن عن موسى بن إسماعيل. وأخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم عن عثمان بن أبي شيبة وغيره.
قوله: (أنا فرطكم على الحوض) الفرط بفتح الفاء والراء الذي يتقدم الواردين ليصلح لهم الحياض والدلاء ونحوها، يقال: فرطت القوم إذا تقدمتهم لترداد لهم الماء وتهيء لهم، وفيه بشارة لهذه الأمة فهنيئا لمن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فرطه.
قوله: (ليرفعن) على صيغة المجهول أي: يظهرهم لي حتى أراهم. قوله: (ليختلجن) بلفظ المجهول أيضا أي: يعدل بهم عن الحوض ويجذبون من عندي، قال الكرماني: وهم إما المرتدون وإما العصاة.
تابعه عاصم عن أبي وائل وقال حصين: عن أبي وائل عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أي: تابع سليمان الأعمش عاصم بن أبي النجود قارىء الكوفة في روايته عن أبي وائل المذكور عن عبد الله بن مسعود، ووصله الحارث بن أبي أسامة في (مسنده): من طريق سفيان الثوري عن عاصم. قوله: (حصين) مصغر حصن بن عبد الرحمن عن أبي وائل عن حذيفة، يعني: خالف حصين سليمان الأعمش وعاصما، فقال: عن أبي وائل عن حذيفة، ووصل هذه المتابعة مسلم من طريق حصين.
7756 حدثنا مسدد حدثنا يحياى عن عبيد الله حدثني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمامكم حوض كما بين جرباء وأذرح).
يحيى هو القطان. و عبيد الله هو ابن عمر العمري.
والحديث أخرجه مسلم في الفضائل عن زهير بن حرب وغيره.
قوله: (أمامكم) بفتح الهمزة أي: قدامكم. قوله: (حوض) وفي رواية السرخسي: حوضي، بزيادة ياء الإضافة. قوله: (جرباء) بفتح الجيم وسكون الراء وبالباء الموحدة مقصورا عند الجمهور، وقال عياض: جاء في البخاري ممدودا، وقال النووي في (شرح مسلم): الصواب أنها مقصورة وذكرها البخاري ومسلم، قال: والمد خطأ (وأذرح) بفتح الهمزة وسكون الذال المعجمة وضم الراء وبالحاء المهملة كذا في رواية الجمهور. قال عياض: ووقع في رواية العذري في مسلم بالجيم وهو وهم، قال الكرماني: وهما موضعان. قال: وفي (صحيح مسلم) قال عبيد الله: فسألته يعني ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال: قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاث ليال. انتهى.
قلت: قال الرشاطي: الجرباء على لفظ تأنيث الأجرب قرية بالشام، وقال ابن وضاح: أذرح بفلسطين، قال الرشاطي: وباذرح بايع الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، معاوية وأعطاه معاوية مائتي ألف درهم.
وهذا الموضع يحتاج إلى بسط كلام لوقوع الاختلاف الكثير في طول الحوض وعرضه، وهنا قال: ما بين جرباء وأذرح، ولم بين قدر المسافة بينهما، وفي حديث عبد الله بن عمرو على ما يجيء حوضي مسيرة شهر، وفي حديث أنس عنده أيضا: قدر حوضي كما بين أيلة وصنعاء من اليمن، وفي حديث حارثة بن وهب عنده أيضا: كما يبين المدينة وصنعاء، وفي حديث جابر بن سمرة عند مسلم: بعد ما بين طرفيه كما بين صنعاء وأيلة، وفي حيث عقبة بن عامر عنده أيضا: وإن عرضه كما بين أيلة إلى الجحفة. وفي حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه: ما بين عدن وأيلة، وفي حديث أبي ذر: ما بين عمان إلى أيلة. وفي حديث أبي بردة عند ابن حبان: ما يين ناحيتي حوضي كما يبين أيلة وصنعاء مسيرة شهر. وفي حديث جابر رضي الله تعالى عنه: كما يبين صنعاء إلى