عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ١٤٢
وقال شعيب عن الزهري: كان أبو هريرة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيجلون وقال عقيل: فيحلؤون.
شعيب هو ابن أبي حمزة الحمصي، وأشار بهذا إلى أن شعيبا وعقيل بن خالد الأيلي اختلفا في روايتهما عن الزهري، فروى شعيب: فيجلون، بالجيم وروى عقيل: فيحلؤون، بالحاء المهملة، وقد مر ضبطهما وتفسيرهما الآن.
وقال الزبيدي: عن الزهري عن محمد بن علي عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الزبيدي بضم الزاي وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وبالدال المهملة نسبة إلى زبيد، قبيلة. ومن المنسوبين إليها: محمد بن الوليد بن عامر أبو الهذيل الشامي الحمصي صاحب الزهري، يروي عن الزهري عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي المدني المشهور بالباقر، عن عبيد الله بن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، واسم أبي رافع أسلم. وقال الغساني: وفي بعض النسخ عبد الله مكبر وهو وهم وفيه ثلاثة من التابعين وهم: الزهري وشيخه وشيخ شيخه، وهذا التعليق وصله الدارقطني في الأفراد من رواية عبد الله بن سالم عنه كذلك.
7856 حدثني إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا محمد بن فليح حدثنا أبي قال: حدثني هلال عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينا أنا قائم فإذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم. فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري، ثم إذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم. قلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم.
قيل لا مطابقة بينه وبين الترجمة على ما لا يخفى.
قلت: ذكره عقيب الحديث السابق لمطابقة بينهما من حيث المعنى، فالمطابق للمطابق للشيء مطابق لذلك الشيء.
ومحمد بن فليح بضم الفاء يروي عن أبيه فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار بفتح الياء آخر الحروف والسين المهملة، ورجال سنده كلهم مدنيون.
والحديث أخرجه الإسماعيلي وأبو نعيم.
قوله: (بينا أنا قائم) بالقاف في رواية الكشميهني، وفي رواية الأكثرين بالنون بدل القاف، والأول أوجه لأن المراد هو قيامه على الحوض. ووجه الأول أنه رأى في المنام ما سيقع له في الآخرة. قوله: (فإذا زمرة) كلمة: إذا، للمفاجأة، والزمرة الجماعة. قوله: (خرج رجل) المراد به الملك الموكل به على صورة الإنسان. قوله: (هلم) خطاب للزمرة. ومعناه: تعالوا، وهو على لغة من لا يقول: هلما هلموا هلمي. قوله: (فقلت) أين؟ القائل هو النبي صلى الله عليه وسلم، أي: تطلبهم إلى أين تؤديهم؟ قال: أؤديهم إلى النار. قوله: (وما شأنهم؟) أي: وما حالهم حتى تروح بهم إلى النار؟ قال: (إنهم ارتدوا)... إلى آخره. قوله: (فلا أراه) بضم الهمزة أي: فلا أظن أمرهم أنه (يخلص منهم إلا مثل همل النعم) بفتح الهاء والميم وهو ما يترك مهملا لا يتعهد ولا يرعى حتى يضيع ويهلك، أي: لا يخلص منهم من النار إلا قليل، وهذا يشعر بأنهم صنفان: كفار وعصاة، وقال الخطابي: الهمل يطلق على الضوال، ويقال: الهمل الإبل بلا راع مثل النفش إلا أن النفش لا يكون إلا ليلا والهمل يكون ليلا ونهارا، ويقال: إبل هاملة وهمال وهوامل، وتركتها هملا أي: سدى إذا أرسلتها ترعى ليلا أو نهارا بلا راع، وفي المثل: اختلط المرعى بالهمل.
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»