عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ١٤٠
الذي أعطاك ربك، فإذا طينه أو طيبه مسك أذفر)، شك هدبة.
أبو الوليد هشام بن عبد الملك. وهمام هو ابن يحيى الأزدي.
وأخرج الحديث من طريقين. الأول: عن أبي الوليد عن همام عن قتادة عن أنس. والثاني: عن هدبة بن خالد... إلى آخره، وفيه صرح بتحديث الزهري عن أنس، وفي الطريق الأول بالعنعنة.
قوله: (بينما أنا أسير في الجنة) كان هذا في ليلة الإسراء، وصرح بذلك في تفسير سورة الكوثر، وقال الداودي: إن كان هذا أي قوله: (إذا أنا بنهر) محفوظا، دل على أن الحوض الذي يدفع عنه أقوام يوم القيامة غير النهر الذي في الجنة، أو يكون هو الذي يراهم وهو داخل وهم من خارجها فيناديهم فيصرفون عنه، وأنكر عليه بعضهم فقال: يغني عنه أن الحوض الذي هو خارج الجنة يمد من النهر الذي هو داخل الجنة، فلا إشكال. انتهى.
قلت: هذا الذي قاله يحتاج إلى دليل أنه يمد من النهر الذي في الجنة، ونقول: أحسن من ذلك أن يقال: إن للنبي صلى الله عليه وسلم، حوضين: أحدهما: في الجنة، والآخر يكون يوم القيامة، وقد ذكرنا عن قريب. قوله: (حافتاه) بتخفيف الفاء أي: جابناه ولا منافاة بين كونه نهرا أو الحوض لإمكان اجتماعهما. قوله: (قباب الدر)، القباب بكسر القاف وتخفيف الباء الموحدة الأولى جمع قبة من البناء، ويجمع على قبب أيضا، والدر جمع درة وهي اللؤلؤة. قوله: (المجوف) أي: الخاوي. قوله: (فإذا طينه)، بكسر الطاء وسكون الياء آخر الحروف بعدها نون. قوله: (أو طيبه) بكسر الطاء وسكون الياء آخر الحروف بعدها باء موحدة، والشك فيه من هدبة شيخ البخاري. قوله: (اذفر)، بالذال المعجمة أي: الذكي الرائحة، وقال ابن فارس: الذفر حدة الرائحة الطيبة والخبيثة.
2856 حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا وهيب حدثنا عبد العزيز عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليردن علي ناس من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني، فأقول: أصحابي! فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك!).
وهيب مصغر وهب بن خالد البصري. وعبد العزيز هو ابن صهيب أبو حمزة البصري.
والحديث أخرجه مسلم في المناقب عن محمد بن حاتم.
قوله: (ليردن) باللام المفتوحة للتأكيد، ويردن بالنون الثقيلة. قوله: (علي)، بتشديد الياء (وناس) بالرفع فاعل: يردن، وكلمة: من، في: من أصحابي، للتبيين والحوض منصوب بقوله: ليردن. قوله: (اختلجوا) بالخاء المعجمة والجيم أي: جذبوا، من الخلج وهو النزع والجذب. قوله: (دوني) أي: بالقرب مني. قوله: (فأقول: أصحابي) بالتكبير في رواية الكشميهني وفي رواية غيره: (أصيحابي) بالتصغير. قوله: (فيقول) وفي رواية الكشميهني: (فيقال). قوله: (ما أحدثوا بعدك!) أي: من المعاصي الموجبة الحرمان الشرب من الحوض.
3856 حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثا محمد بن مطرف، حدثني أبو حازم عن سهل ابن سعد: قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني فرطكم على الحوض، من مر علي شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا، ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم).
* قال أبو حازم فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال هكذا سمعت من سهل فقلت نعم فقال أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته وهو يزيد فيها فأقول إنهم مني فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا سحقا لمن غير بعدي وقال ابن عباس سحقا بعدا يقال سحيق بعيد وسحقه وأسحقه أبعده) محمد بن مطرف بضم الميم وفتح الطاء المهملة وتشديد الراء المكسورة وبالقاف أبو غسان الليثي المدني نزل عسقلان وأبو حازم بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار الأعرج وسهل بن سعد بن مالك الساعدي الأنصاري قوله ' إني فرطكم ' ويروى أنا فرطكم والفرط بفتحتين الذي يتقدم الواردين ليصلح لهم الحياض وقد مر عن قريب قوله ويعرفوني ويروى
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»