عمدة القاري - العيني - ج ٢٣ - الصفحة ١٣٩
من الخير الذي أعطاه الله إياه.
أبو بشر هو جعفر المذكور، وسعيد هو ابن جبير. قوله: إنه، أي: إن الكوثر نهر في الجنة، قال الهروي: جاء في التفسير أنه أي: الكوثر القرآن والنبوة.
9756 حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال: قال عبد الله بن عمرو: قال النبي صلى الله عليه وسلم: قوله: (حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المس، وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منها فلا يظمأ أبدا).
سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي المصري، ونافع بن عمر الجمحي المكي، وابن أبي مليكة عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي مليكة التيمي المكي، يروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
والحديث أخرجه مسلم أيضا في الحوض عن داود بن عمرو عن نافع به. قوله: (حوضي مسيرة شهر) وفي رواية مسلم: مسيرة شهر وزواياه سواء. قوله: (ماؤه أبيض من اللبن) قال المازري: مقتضى كلام النحاة أن يقال: أشد بياضا، ولا يقال: أبيض من كذا، ومنهم من أجازه في الشعر، ومنهم من أجاز بقلة، ويشهد له هذا الحديث وغيره، وقال بعضهم: يحتمل أن يكون ذلك من تصرف الرواة، فقد وقع في رواية أبي ذر عند مسلم بلفظ: أشد بياضا من اللبن. انتهى.
قلت: القول بأن هذا جاء من النبي صلى الله عليه وسلم، أولى من نسبة الرواة إلى الغلط على زعم النحاة، واستشهاده لذلك برواية مسلم لا يفيده لأنه لا مانع أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم، استعمل أفعل التفضيل من اللون فيكون حجة على النحاة. قوله: (وريحه أطيب من المسك) وعند الترمذي من حديث ابن عمر: أطيب ريحا من المسك، وعند ابن حبان في حديث أبي أمامة: أطيب رائحة، وزاد ابن أبي عاصم وابن أبي الدنيا في حديث بريدة: وألين من الزبد، وزاد مسلم في حديث أبي ذر وثوبان: وأحلى من العسل، وزاد أحمد في حديث ابن عمرو من حديث ابن مسعود: وأبرد من الثلج، وعند الترمذي في حديث ابن عمر: وماؤه أشد بردا من الثلج. قوله: (وكيزانه) جمع كوز قوله: (كنجوم السماء) الظاهر أن التشبيه في العدد، ويحتمل أن يكون في الضياء. وعند مسلم من حديث ابن عمر: فيه أباريق كنجوم السماء. قوله: (من شرب منها) أي: من الكيزان، وفي رواية الكشميهني: من شرب منه، أي: من شرب من الحوض. قوله: (فلا يظمأ أبدا) أي: فلا يعطش أبدا، وزاد ابن أبي عاصم في حديث أبي ابن كعب: ومن صرف عنه لم يرو أبدا.
0856 حدثنا سعيد بن عفير قال: حدثني ابن وهب عن يونس قال ابن شهاب: حدثني أنس ابن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن قدر حوضي كما بين أيلة وصنعاء من اليمن، وإن فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء).
سعيد بن عفير هو سعيد بن كثير بن عفير أبو عثمان المصري يروي عن عبد الله بن وهب المصري عن يونس بن يزيد الأياي.
والحديث أخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم، عن حرملة.
قوله: (حدثني أنس) هذا يرد قول من قال بأن ابن شهاب لم يسمعه من أنس. قوله: (وصنعاء من اليمن) احترز بقوله: (من اليمن)، عن صنعاء التي من الشام، وقد ذكرناه عن قريب. قوله: (من الأباريق) جمع إبريق، قال الجوهري: الإبريق فارسي معرب، قوله: (كعدد نجوم السماء) التشبيه هنا في العدد.
1856 حدثنا أبو الوليد حدثنا همام عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وحدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام حدثنا قتادة حدثنا أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف. قلت: ما هاذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»