(لعله تنفعه شفاعتي) قيل: يشكل هذا بقوله تعالى: * (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) * (المدثر: 84)، وأجيب بأنه خص فلذلك عدوه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: جزاء الكافر من العذاب يقع على كفره وعلى معاصيه فيجوز أن الله تعالى يضع عن بعض الكفار بعض جزاء معاصيه تطييبا لقلب الشافع لا ثوابا للكافر. لأن حسناته صارت بموته على كفره هباء منثورا. قوله: (في ضحضاح) بإعجام الضادين وإهمال الحاءين ما رق من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين فاستعير للنار. قوله: (يغلي منه أم دماغه) وأم الدماغ أصله وما به قوامه، وقيل: الهامة، وقيل: جلدة رقيقة تحيط بالدماغ.
5656 حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يجمع الله الناس يوم القيامة فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا؟ فيأتون آدم فيقولون: أنت الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك فاشفع لنا عند ربنا، فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته ويقول: ائتوا نوحا أول رسول بعثه الله، فيأتونه فيقول: لست هناكم ويذكر خطيئته، ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلا، فيأتونه فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته: ائتو موسى الذي كلمه الله، فيأتونه فيقول: لست هناكم، فيذكر خطيئته: ائتوا عيسى فيأتونه، فيقول: لست هناكم، ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني فأستأذن على ربي فإذا رأيته وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله ثم يقال لي: ارفع رأسك سل تعطه، وقل يسمع واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمني ثم أشفع فيحد لي حدا ثم أخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، ثم أعود فأقع ساجدا مثله في الثالثة أو الرابعة حتى ما يبقى في النار إلا من حبسه القرآن)، وكان قتادة يقول: عند هاذا، أي وجب عليه الخلود.
مطابقته للترجمة يمكن أن تؤخذ من قوله: (ثم أخرجهم من النار) بالوجه الذي ذكرناه عند التراجم الماضية.
وأبو عوانة بفتح العين المهملة وتخفيف الواو اسمه الوضاح بن عبد الله اليشكري.
والحديث مضى في أول تفسير سورة البقرة ولكنه أخرجه عن مسلم بن إبراهيم عن هشام عن قتادة عن أنس، وعن خليفة عن يزيد بن زريع، عن سعيد عن قتادة عن أنس. وقال الكرماني: مر يعني حديث الباب في بني إسرائيل.
قلت: الذي مر في سورة بني إسرائيل عن أبي هريرة وليس عن أنس وهو حديث طويل.
قوله: (يجمع الله الناس) في رواية المستملي: جمع الله، أي: في العرصات. وفي حديث أبي هريرة الماضي: يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد، وفي رواية هشام وسعيد وهمام: يجمع المؤمنين. قوله: (لو استشفعنا) جزاؤه محذوف أو هو للتمني فلا يحتاج إلى جواب، وفي رواية مسلم: فيلهمون بذلك، وفي رواية: فيهتمون بذلك، وفي رواية همام: حتى يهتموا بذلك. قوله: (على ربنا في) رواية هشام وسعيد: إلى ربنا، وضمن: على، هنا معنى الاستعانة. أي: لو استعنا على ربنا. قوله: (حتى يريحنا) بضم الياء من الإراحة بالراء والحاء المهملة أي: يخرجنا من الموقف وأهواله وأحواله ويفصل بين العباد. قوله: (فيأتون آدم عليه السلام) وفي رواية شيبان: فينطلقون حتى يأتوا آدم عليه السلام. قوله: (عند ربنا) في رواية مسلم: عند ربك. قوله: (لست هناكم) أي: ليس هذه المرتبة، وقال عياض قوله: (لست هناكم) كناية عن أن منزلته دون المنزلة المطلوبة، قاله تواضعا وإكبارا لما يسألونه، قال: وقد يكون فيه إشارة إلى أن هذا المقام ليس لي بل لغيري، ووقع في رواية معبد بن هلال: فيقول: لست لها، وكذا