وجرير هو ابن عبد الحميد، ومنصور هو ابن المعتمر، وإبراهيم هو النخعي، وعبيدة بفتح العين المهملة وكسر الباء الموحدة هو ابن عمرو السلماني، وعبد الله هو ابن مسعود رضي الله تعالى عنه. وهؤلاء كلهم كوفيون.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في التوحيد عن محمد بن خالد. وأخرجه مسلم في الإيمان عن عثمان وإسحاق. وأخرجه الترمذي في صفة جهنم عن هناد. وأخرجه ابن ماجة في الزهد عن عثمان.
قوله: (إني لأعلم) اللام فيه للتأكيد. قوله: (رجل) يعني هو رجل يخرج من النار حبوا بفتح الحاء المهملة وسكون الباء الموحدة، وهو المشي على اليدين أو المشي على الاست، يقال: حبا الرجل إذا حبا على يديه وحبا الصبي إذا مشى على استه، ورأيت في بعض النسخ: كبوا، بفتح الكاف، ووقع في مسلم من رواية أنس: آخر من يدخل الجنة رجل فهو يمشي مرة ويكبو مرة وتسفعه النار مرة فإذا ما جاوزها التفت إليها فقال: تبارك الذي نجاني منك، ووقع في رواية الأعمش هنا: زحفا. قوله: (وعشرة أمثالها) قيل: عرض الجنة كعرض السماوات والأرض، فكيف يكون عشرة أمثال الدنيا؟ وأجيب: بأن هذا تمثيل، وإثبات السعة على قدر فهمنا. قوله: (تسخر مني أو تضحك مني) وفي رواية الأعمش: أتسخر بي؟ ولم يشك، وكذا في مسلم من رواية أنس عن ابن مسعود: أتستهزيء مني وأنت رب العالمين؟ قوله: (وأنت الملك) الواو فيه للحال وقال المازري: هذا مشكل، وتفسير الضحك بالرضا لا يتأتي هنا، ولكن لما كانت عادة المستهزىء أن يضحك من الذي استهزأ به ذكر معه، وأما نسبة السخرية إلى الله فهي على سبيل المقابلة وإن لم يذكر في الجانب الآخر لفظا لكنه لما عاهد مرارا وغد رحل فعله محل المستهزيء، فظن أن في قول الله له: ادخل الجنة، وتردده إليها وظنه أنها ملأى نوعا من السخرية به جزاء على فعله، فسمى الجزاء على السخرية سخرية، وقال القرطبي: أكثروا في تأويله، وأشبه ما قيل فيه إنه استخفه الفرح وأدهشه، فقال ذلك. وقال الكرماني: قوله: (تسخر مني) يقال: سخر منه إذا استجهله. فإن قلت: كيف صح إسناده الهزء أو الضحك إلى الله؟.
قلت: أمثال هذه الإطلاقات يراد بها لوازمها من الإهانة ونحوها.
قلت: فيه تأمل. قوله: (حتى بدت نواجذه) بجيم وذال معجمه جمع ناجذ وهو ضرس الحلم، وقال ابن الأثير: النواجذ من الأسنان الضواحك، وهي التي تبدو عند الضحك، والأشهر إنها أقصى الأسنان، والمراد الأول، وقد مر الكلام فيه عن قريب مبسوطا. قوله: (وكان يقال ذلك) ويروى: ذاك، قوله: (منزلة) ويروى: منزلا. وقال الكرماني قوله: (وكان يقال ذلك الرجل هو أقل الناس منزلة في الجنة، ثم قال وهذا ليس من تتمة كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هو كلام الراوي نقلا عن الصحابة أو أمثالهم من أهل العلم، وقال بعضهم قائل: وكان، يقال: هو الراوي كما أشار إليه، وأما قائل المقالة المذكورة فهو النبي صلى الله عليه وسلم، ثبت ذلك في أول حديث أبي سعيد عند مسلم ولفظه: أدنى أهل الجنة منزلة رجل صرف الله وجهه عن النار... انتهى.
قلت: كون هذه المقالة في حديث أبي سعيد من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا يستلزم كونها في آخر حديث عبد الله بن مسعود كذلك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
2756 حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن الحارث ابن نوفل عن العباس رضي الله عنه أنه قال ل لنبي صلى الله عليه وسلم: هل نفعت أبا طالب بشيء. (انظر الحديث 3883 وطرفه).
مطابقته للترجمة في بقية الحديث لأنه أخرجه مختصرا بحذف الجواب، وجوابه هو قوله: فإنه كان يحوطك ويغضب لك. قال: نعم، هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار. وقد مر هذا في كتاب الأدب في: باب كنية المشرك.
وأخرجه هناك عن موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة، وهنا أخرجه عن مسدد عن أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، والعباس هو ابن عبد المطلب وهو عم جد عبد الله بن الحارث الراوي عنه وللحارث بن نوفل ولأبيه صحية، ويقال: إن لعبد الله رؤية وهو الذي كان يلقب ببه، بباءين موحدتين مفتوحتين الثانية مشددة وفي آخرها هاء، ولم يدر ما كان مقصود البخاري من اختصار هذا الحديث وحذف جوابه، وذكره هنا ناقصا، وقد ذكر في هذا الباب ثلاثة وعشرين حديثا أكثرها في صفة النار. والله أعلم.