أشار به إلى تفسير معدن صدق في كلام الناس. بقوله: منبت صدق وفي رواية أبي ذر: (في مقعد صدق) كما في القرآن * (إن المتقين فى جنات ونهر في مقعد صدق) * (القمر: 45 55) وهو الصواب. قوله: * (في جنات) * أي: في بساتين قوله * (ونهر) * أي: وأنهار، وإنما وحده لأجل رؤوس الآي، وقال الضحاك: أي في ضياء وسعة، ومنه النهار. وقال الثعلبي: معنى * (مقعد صدق) * مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم وهو الجنة.
6456 حدثنا عثمان بن الهيثم حدثنا عوف عن أبي رجاء عن عمران عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قوله: (اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء).
مطابقته للترجمة من حيث إن كون أكثر أهل الجنة الفقراء. وكون أكثر أهل النار النساء، وصف من أوصاف الجنة ووصف من أوصاف النار.
وعثمان بن الهيثم بفتح الهاء وسكون الياء آخر الحروف وفتح الثاء المثلثة ابن الجهم أبو عمر المؤذن، وعوف هو المشهور بالأعرابي، وأبو رجاء بالجيم عمران العطاردي وشيخه هو عمران بن حصين الصحابي. والرجال كلهم بصريون.
والحديث مضى في صفة الجنة فإنه أخرجه هناك عن أبي الوليد عن سليمان بن بلال عن أبي رجاء عن عمران بن حصين... إلى آخره، وفي النكاح عن عثمان بن الهيثم عن عوف... إلى آخره، ومضى الكلام فيه.
قوله: (إطلعت) بالتشديد أي: أشرفت ونظرت.
7456 حدثنا مسدد حدثنا إسماعيل أخبرنا سليمان التيمي عن أبي عثمان عن أسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قمت على باب الجنة فكان عامة من دخلها المساكين وأصحاب الجد محبوسون، غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار، وقمت على باب النار فإذا عامة من دخلها النساء). (انظر الحديث 6915).
المطابقة فيه مثل ما ذكرنا في الحديث السابق. وإسماعيل هو ابن علية، وسليمان التيمي، وأبو عثمان هو عبد الرحمن بن مل، وأسامة هو ابن زيد بن حارثة الصحابي ابن الصحابي.
قوله: (عامة من دخلها المساكين) وفي الحديث السابق: الفقراء، ففيه إشعار بأنه يطلق أحدهما على الآخر، قاله الكرماني.
قلت: قد مر الكلام فيه في كتاب الزكاة. قوله: (وأصحاب الجد) بفتح الجيم أي الغنى، قوله: (محبوسون) يعني للحساب، وهذا الحديث والذي قبله لم يذكرا في كثير من النسخ، وما ثبتا إلا في رواية أبي ذر عن شيوخه الثلاثة.
8456 حدثنا معاذ بن أسد أخبرنا عبد الله أخبرنا عمر بن محمد بن زيد عن أبيه أنه حدثه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار، ثم يذبح ثم ينادي مناد: يا أهل الجنة لا موت، يا أهل النار لا موت، فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم). (انظر الحديث 4456).
مطابقته للترجمة من حيث إن ازدياد أهل الجنة فرحا، وازدياد أهل النار حزنا، وصف من أوصافهما من حيث أنهما حاصلان فيهما. وهو وصف المحل وإرادة وصف الحال.
ومعاذ بن أسد أبو عبد الله المروزي نزل البصرة، وعبد الله هو ابن المبارك المروزي، وعمر بن محمد يروي عن أبيه محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.
والحديث أخرجه مسلم في صفة أهل الجنة والنار عن هارون بن سعيد وغيره.
قوله: (حتى يجعل بين الجنة والنار) في حديث الترمذي عن أبي هريرة: فيوقف على السور الذي بين الجنة والنار. قوله: (ثم يذبح) قيل: الموت عرض كيف يصح عليه المجيء والذبح؟ وأجيب: بأن الله سبحانه وتعالى يجسده ويجسمه، أو هو على سبيل التمثيل للإشعار بالخلود، ونقل القرطبي عن بعض الصوفية: أن الذي يذبحه يحيى بن زكريا عليهما السلام، بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، إشارة إلى دوام الحياة، وقيل: يذبحه جبريل على باب الجنة.