عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ١٧٥
ابن الطفيل فقتل حراما واستصرخ عليهم بنو عامر فأبوا، وقالوا: لا تخفر أبا براء، فاستصرخ عليهم قبائل من بني سليم: عصية ورعل وذكوان ورعب والقارة ولحيان، فنفروا معه فقتل الصحابة كلهم، رضي الله تعالى عنهم، إلا عمرو بن أمية فأخبره جبريل ومنها: بخبرهم وخبر مصاب خبيب ومرثد تلك الليلة. قلت: المنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج الأنصاري الساعدي، وهو المعروف: بالمعتق للموت، شهد العقبة وبدرا وأحدا وكان أحد السبعين الذين بايعوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة، وأحد النقباء الاثني عشر، وكان يكتب في الجاهلية بالعربية، وقال أبو عمر: وكان على الميسرة يوم أحد، وقتل بعد أحد بأربعة أشهر ونحوها، وذلك سنة أربع في أولها يوم بئر معونة شهيدا. قوله: (قال له عامر بن الطفيل)، أي: قال لعمرو بن أمية عامر بن الطفيل: (من هذا) كأنه أشار إلى قتيل، وقال الواقدي بإسناده عن عروة: إن عامر بن الطفيل قال لعمرو بن أمية: هل تعرف أصحابك؟ قال: نعم، فطاف في القتلى فجعل يسأله عن أنسابهم. قوله: (فقال: لقد رأيته) أي: فقال عامر بن الطفيل: لقد رأيت عامر بن فهيرة بعدما قتل. إلى قوله: (ثم وضع) والفائدة من الرفع والوضع تعظيم عامر بن فهيرة وبيان قدره وتخويف الكفار وترهيبهم، قال أبو عمر: ويروى عن عامر بن الطفيل أنه قال: رأيت أول طعنة طعنت عامر بن فهيرة نورا خرج منها، وذكر ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه، قال: لما قدم عامر بن الطفيل على رسول الله، صلى الله عليه وسلم قال له: من الرجل الذي لما قتل رأيته رفع بين السماء والأرض حتى رأيت السماء دونه ثم وضع؟ فقال له: عامر بن فهيرة، وذكر ابن المبارك وعبد الرزاق جميعا عن معمر عن الزهري عن عروة، قال: طلب عامر بن فهيرة يومئذ في القتلى فلم يوجد، قال عروة: فيرون أن الملائكة دفنته أو رفعته. قوله: (فأتى النبي صلى الله عليه وسلم خبرهم) وبين في حديث أنس، رضي الله تعالى عنه، أن الله أخبره بذلك على لسان جبريل، عليه السلام. قوله: (فنعاهم) من نعى الميت ينعاه نعيا ونعيا إذا أذاع موته وأخبر به، وإذا أندبه. قوله: (وأصيب يومئذ فيهم عروة بن أسماء)، على وزن حمراء ابن الصلت بن حبيب بن حارثة السلمي حليف بني عمرو بن عوف، وذكره الواقدي في أصحاب بئر معونة، وقال: حدثني مصعب بن ثابت عن أبي الأسود عن عروة قال: حرص المشركون يوم بئر معونة لعروة بن الصلت أن يؤمنوه فأبى، وكان داخلة لعامر بن الطفيل مع أن قومه بني سليم حرصوا على ذلك فأبى، وقال: لا أقبل لهم أمانا ولا أرغب بنفسي عن مصرعهم، ثم تقدم فقاتل حتى قتل شهيدا. قوله: (فسمي عروة به)، أي: فسمى عروة بن الزبير بن العوام باسم عروة بن أسماء المذكور، يعني: أن الزبير بن العوام لما ولد له عروة سماه باسم عروة بن أسماء، وكان بين قتل عروة بن أسماء ومولد عروة ابن الزبير بضع عشرة سنة. قوله: (ومنذر بن عمرو) أي: وأصيب أيضا فيهم منذر بن عمرو بن خنيس الذي ذكرناه عن قريب. قوله: (سمي به) أي: المنذر بن عمرو المذكور منذر بن الزبير بن العوام أخو عروة. قوله: (منذرا) كذا هو بالنصب في النسخ، والصواب: منذر، بالرفع على ما لا يخفى، وقال بعضهم: يحتمل أن تكون الرواية بفتح السين على البناء للفاعل والفاعل محذوف، والمراد به الزبير. قلت: لا يعمل بهذا الاحتمال في إثبات الرواية، وفيه أيضا إضمار قبل الذكر فافهم، وحاصله: أن الزبير سمى ابنه هذا منذرا باسم المنذر بن عمرو هذا، ووجه التسمية فيهما بعروة ومنذر للتفاءل باسم من رضي الله تعالى عنهم ورضوا عنه، وأعلم أن أسماء من الأعلام المشتركة فهي اسم أم عروة بن الزبير، واسم أبي عروة السلمي المذكور.
4094 حدثنا محمد أخبرنا عبد الله أخبرنا سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أنس رضي الله تعالى عنه قال قنت النبي صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهرا يدعو على رعل وذكوان ويقول عصية عصت الله ورسوله..
مطابقته للترجمة ظاهرة، ومحمد هو ابن مقاتل المروزي، وعبد الله هو ابن المبارك المروزي، وسليمان هو ابن طرخان التيمي، وأبو مجلز، بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام وفي آخره زاي: واسمه لاحق بن حميد، وفيه رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي، والحديث قد مر في الوتر عن أحمد بن يونس عن زائدة.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»