عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ١٧٧
وخرجت أشجع في أربعمائة يقودها مسعود بن رجيلة، وخرجت بنو مرة في أربعمائة يقودها الحارث بن عوف، فكان جميع القوم الذين وافوا الخندق عشرة آلاف، وكانوا ثلاثة عساكر، وعناج الأمر إلى أبي سفيان، يعني: أنه كان صاحبهم ومدبر أمرهم والقائم بشؤونهم، وقال قتادة فيما ذكره البيهقي: كان المشركون أربعة آلاف أو ما شاء الله من ذلك، والصحابة فيما بلغنا ألف، وقال ابن إسحاق: فلما سمع بهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم ضرب الخندق على المدينة، وقال ابن هشام: يقال: إن الذي أشار به سلمان الفارسي، رضي الله تعالى عنه، وقال الطبري والسهيلي: أول من حفر الخندق بنو جهر بن أيرج وكان في زمن موسى، عليه الصلاة والسلام، وقال ابن إسحاق: فعمل فيه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ترغيبا للمسلمين في الأجر وعمل معه المسلمون. قوله: (وهي الأحزاب) أي: غزوة الخندق هي الأحزاب، أشار بهذا إلى أن لها اسمين، والأحزاب جمع حزب، سميت بذلك لاجتماع طوائف من المشركين على حرب المسلمين، وقد أنزل الله تعالى في هذه القصة صدر سورة الأحزاب.
قال موساى بن عقبة كانت في شوال سنة أربع موسى بن عقبة بن أبي عياش الأسدي المديني، صاحب المغازي، مات في سنة إحدى وأربعين ومائة. قوله: كانت، أي: غزوة الخندق في شهر شوال سنة أربع من الهجرة، وتابعه على ذلك مالك، أخرجه أحمد عن موسى بن داود عنه، وقال ابن إسحاق: سنة خمس، وقال ابن سعد: كانت في ذي القعدة يوم الاثنين لثمان ليال مضين منها سنة خمس، واعلم أنه كان بعد أحد: حمراء الأسد، ثم سرية أبي سلمة، ثم سرية عبد الله بن أنيس، وبعث الرجيع، وقصة بئر معونة، ثم غزوة بني النضير، ثم غزوة ذات الرقاع، ثم غزوة بدة الآخرة، ثم غزوة دومة الجندل، ثم الخندق. وأقام المشركون على الخندق سبعا وعشرين ليلة. وقال الواقدي: أربعا وعشرين يوما، وقال الغنوي: بضع عشرة ليلة، وقال موسى: قريبا من عشرين ليلة، ولم يكن فيه قتال إلا ساعة كان بينهم مراماة بالنبال فأصيب أكحل سعد، رضي الله تعالى عنه، على ما سيجيء، إن شاء الله تعالى.
4097 حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال أخبرني نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة فلم يجزه وعرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه. (انظر الحديث 2664).
مطابقته للترجمة ظاهرة. ويحيى بن سعيد القطان وعبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري.
والحديث أخرجه أبو داود في الجراح وفي الحدود عن أحمد بن حنبل. وأخرجه النسائي في الطلاق عن أبي قدامة.
قوله: (عرضه) من: عرض الجيش إذا اختبر أحوالهم قبل مباشرة القتال للنظر في هيئتهم وترتيب منازلهم وغير ذلك، وفي رواية مسلم: عرضني يوم أحد في القتال وأنا ابن أربع عشرة سنة. قوله: (فلم يجزه) أي: فلم يمضه ولم يأذن له في القتال، ومعنى: أجازه: أمضاه وأذن له، وقال بعضهم: قال الكرماني: أجازه من الإجازة وهي الأنفال، أي: أسهم له، ويرد ذلك أنه لم يكن في غزوة الخندق غنيمة يحصل منها نفل. قلت: رأيت في شرح (الكرماني): ولم يجزه من الإجازة وهي الإنفاذ، وكان المعترض ظن أن قوله: الإنفاد الأنفال، باللام في آخره، وليس كذلك، بل هو الإنفاذ، بالذال المعجمة.
4098 حدثني قتيبة حدثنا عبد العزيز عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق وهم يحفرون ونحن ننقل التراب على أكتادنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
* أللهم لا عيش إلا عيش الآخره * فاغفر للمهاجرين والأنصار *
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»