عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ١٧٣
تعالى عنها قالت استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر في الخروج حين اشتد عليه الأذى فقال له أقم فقال يا رسول الله أتطمع أن يؤذن لك فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إني لأرجو ذالك قالت فانتظره أبو بكر فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ظهرا فناداه فقال أخرج من عندك فقال أبو بكر إنما هما ابنتاي فقال أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج فقال يا رسول الله الصحبة فقال النبي صلى الله عليه وسلم الصحبة قال يا رسول الله عندي ناقتان قد كنت أعددتهما للخروج فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم إحداهما وهي الجدعاء فرج إليهما ثم يسرح فلا يفطن به أحد من الرعاء فلما خرجا خرج معهما يعقبانه حتى قدما المدينة فقتل عامر بن فهيرة يوم بئر معونة..
مطابقته للترجمة في قوله: (فقتل عامر بن فهيرة يوم بئر معونة). وأبو أسامة حماد بن أسامة، وهشام هو ابن عروة بن الزبير يروي عن أبيه عن أم المؤمنين عائشة، رضي الله تعالى عنها.
قوله: (في الخروج) يعني: في الهجرة من مكة إلى المدينة. قوله: (الأذى) يعني من كفار مكة. قوله: (أتطمع؟) الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستعلام. قوله: (أن يؤذن) على صيغة المجهول. قوله: (ظهرا) يعني: في وقت الظهر. قوله: (فقال) أي: النبي صلى الله عليه وسلم: (أخرج) بفتح الهمزة من الإخراج (ومن عندك) في محل النصب على المفعولية. قوله: (إنما هما ابنتاي) أراد بهما: أسماء وعائشة، رضي الله تعالى عنهما. قوله: (أشعرت؟) معناه إعلم، لأن الهمزة هنا خرجت عن الاستفهام الحقيقي، ومثله قوله تعالى: * (ألم نشرح لك صدرك) * (الشرح: 1). أي: شرحنا، ولهذا عطف عليه: ووضعنا. قوله: (قد أذن لي) على صيغة المجهول.
قوله: (الصحبة) منصوب بفعل محذوف أي: أتريد الصحبة، أي: المرافقة في الهجرة، والتقدير في الصحبة الثانية؟ نعم أريد الصحبة. قوله: (هي الجدعاء) أي: الناقة التي أعطاها النبي صلى الله عليه وسلم هي التي تسمى بالجدعاء، وهي المقطوعة الأذن، ومنه: خطب على ناقته الجدعاء، وقال ابن الأثير: قيل: لم تكن ناقته مقطوعة الأذان، وإنما كان هذا اسما لها. قوله: (بثور) بفتح الثاء المثلثة، وهو جبل معروف بمكة مسمى باسم الحيوان المشهور. قوله: (فتواريا) أي: اختفيا فيه، من التواري. قوله: (عامر بن فهيرة)، هو أبو عمرو كان مملوكا للطفيل بن عبد الله بن سخبرة فاشتراه أبو بكر فأعتقه، وأسلم قبل أن يدخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وكان حسن الإسلام وكان مولدا من مولدي الأزد أسود اللون، شهد بدرا وأحدا. والآن نذكر وفاته. قوله: (لعبد الله بن طفيل) كذا وقع هنا، وقال الدمياطي: صوابه: الطفيل بن عبد الله بن سخبرة بن جرثومة بن عائذة بن مرة بن جشم بن الأوس بن عامر بن حفص بن النمر بن عثمان بن نصر بن زهير ابن أخي دهمان بن نصر بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد، وقال أبو عمر: الطفيل بن عبد الله بن سخبرة القرشي، قال ابن أبي خيثمة: لا أدري من أي قريش هو؟ قال: وهو أخو عائشة لأمها. وقال الواقدي: وكانت أم رومان أم عائشة تحت عبد الله بن الحارث بن سخبرة الأزدي، وكان قدم بها مكة فحالف أبا بكر قبل الإسلام وتوفي عن أم رومان وقد ولدت له الطفيل، ثم خلف عليها أبو بكر، رضي الله تعالى عنه، فولدت له عبد الرحمن وعائشة، فهما أخوا الطفيل هذا لأمه. قوله: (أخو عائشة لأمها) وفي رواية الكشميهني: أخي عائشة، وجه الأول على أنه خبر مبتدأ محذوف أي: هو أخو عائشة، ووجه الثاني على أنه بدل من قوله: عبد الله بن الطفيل. منحة بكسر الميم وسكون النون؛ وهي ناقة يدر منها اللبن. قوله: (يروح بها ويغدو) أي: يروح عامر بالمنحة المذكورة، ويروح من الرواح وهو الذهاب والمجيء بعد الزوال، ويغدو بالغين المعجمة خلاف الرواح، وقد غدا يغدو غدوا. قوله: (فيدلج) من الإدلاج من باب الافتعال، أي: يسير من آخر الليل، يقال: أدلج، بالتخفيف إذا سار من أول الليل، وادلج بالتشديد إذا سار من آخره، والاسم
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»