عنها عياض بن غنم، وقال سعيد بن عبد العزيز: كان حبيب بن مسلمة فاضلا مجاب الدعوة، مات بالأرمينية سنة اثنتين وأربعين له ولأبيه صحبة. قوله: (فهلا أجبته؟) أي: لم ما أجبت معاوية؟. قوله: (حبوتي)، بضم الحاء وكسرها: اسم من احتبى الرجل إذا جمع الرجل ظهره وساقيه بعمامته. قوله: (من قاتلك)، يخاطب به معاوية. قوله: (وأباك) أراد به أبا سفيان والد معاوية، فإن عليا، رضي الله تعالى عنه، قاتل معاوية ووالده أبا سفيان يوم أحد ويوم الخندق وهما كانا كافرين في ذلك الوقت، وإنما أسلما يوم الفتح. قوله: (ويحمل عني غير ذلك)، أي: على غير ما أردت. قوله: (فذكرت ما أعد الله في الجنان) يعني: لمن صبر واختار الآخرة على الدنيا. (قال حبيب) هو ابن مسلمة المذكور. قوله: (حفظت وعصمت)، كلاهما على صيغة المجهول، واستصوب حبيب رأيه على أنه كان من أصحاب معاوية.
(قال محمود عن عبد الرزاق) أي: قال محمود بن غيلان أبو أحمد العدوي المروزي أحد مشايخ البخاري ومسلم، وهذا التعليق وصله محمد بن قدامة الجوهري في كتاب (أخبار الخوارج) له، قال: حدثنا محمود بن غيلان المروزي أخبرنا عبد الرزاق عن معمر، فذكره بالإسنادين معا، وساق المتن بتمامه، وأوله: دخلت على حفصة ونوساتها تنطف، وهذا هو الصواب، وقد مر الكلام فيه عن قريب.
4109 حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن سليمان بن صرد قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب نغزوهم ولا يغزوننا. (الحديث 4109 طرفه في: 4110).
مطابقته للترجمة ظاهرة. وأبو نعيم، بضم النون: الفضل بن دكين، وسفيان هو ابن عيينة، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، وسليمان بن صرد، بضم الصاد المهملة وفتح الراء وبالدال المهملة: ابن الجون، بفتح الجيم الخزاعي صحابي مشهور، ويقال: كان اسمه يسار فغيره النبي صلى الله عليه وسلم، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر تقدم في صفة إبليس، وفي الرواية التي تأتي صرح بسماع أبي إسحاق عن سليمان بن صرد، وكان سليمان أسن من خرج من أهل الكوفة في طلب ثار الحسين بن علي، رضي الله تعالى عنهما، فقتل هو وأصحابه بعين الوردة في سنة خمس وستين.
قوله: (يوم الأحزاب) أي: قال يوم الخندق: (تغزوهم) أي: نغزوا قريشا (وهم لا يغزوننا) قال ذلك بعد أن انصرفت قريش عن قضية الخندق وذلك لسبع بقين من ذي القعدة سنة خمس في قول ابن إسحاق وآخرين، وعن الزهري: سنة أربع في شوال، وقال ابن إسحاق: لما انصرف أهل الخندق، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لن نغزوكم قريش بعد عامكم هذا، ولكنكم تغزونهم. قال: فلم تعد قريش بعد ذلك، وكان يغزوهم بعد ذلك حتى فتح الله عليه مكة. وفيه: معجزة عظيمة للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر عن أمر سيكون، وقد وقع مثل ما قال. قوله: (ولا يغزوننا)، ويروى: لا يغزونا، بإسقاط نون الجمع بدون ناصب ولا جازم، وهي لغة فاشية عن العرب.
4110 حدثني عبد الله بن محمد حدثنا يحيى بن آدم حدثنا إسرائيل سمعت أبا إسحاق يقول سمعت سليمان بن صرد يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول حين أجلي الأحزاب عنه الآن نغزوهم ولا يغزوننا نحن نسير إليهم. (انظر الحديث 4109).
هذا طريق آخر في حديث سليمان بن صرد أخرجه عن عبد الله بن محمد بن عبد الله الجعفي البخاري المعروف بالمسندي عن يحيى بن آدم بن سليمان صاحب الثوري عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، يروي إسرائيل عن جده أبي إسحاق المذكور.
قوله: (أجلي) بضم الهمزة وسكون الجيم وكسر اللام: من الإجلاء، يقال أجلى يجلي إجلاء، وجلا يجلو جلاء إذا خرج عن الوطن هاربا، وجلوته أنا وأجليته وكلاهما لازم ومتعد، وحاصل المعنى أنهم رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه إشارة إلى أنهم رجعوا بغير اختيارهم، بل بصنيع الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: (نحن نسير إليهم) وهكذا وقع، سار إليهم وفتح مكة.