عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ١٨٠
تشد العروق والأمعاء فلا ينحل مما في البطن فلا يحصل ضعف زائد بسبب التحلل. وقال ابن حبان: الصواب الحجز، بالزاي إذ لا معنى لشد الحجر على البطن من الجوع، ورد عليه بما جاء في الرواية التي تأتي: رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم، خمصا شديدا، والخمص: الجوع. قلت: فيه نظر لا يخفى. قوله: (ذواقا) بفتح الذال المعجمة، وقال ابن الأثير: الذواق المأكول والمشروب، فعال بمعنى مفعول من الذوق، ويقع على المصدر والاسم، يقال: ذقت الشيء أذوقه ذوقا وذواقا، وما ذقت ذواقا أي: شيئا. قوله: (المعول)، بكسر الميم وسكون العين المهملة وفتح الواو وفي آخره لام: وهو الفأس الذي يكسر به الحجر. وقال بعضهم: المعول المسحاة. قلت: هذا التفسير غير صحيح، والمعول الفأس كما ذكرنا، والميم فيه زائدة، والمسحاة المجرفة من الحديد، والميم فيها أيضا زائدة لأنها من السحو وهو الكشف والإزالة، ومن الدليل على المغايرة رواية أحمد، رحمه الله: فأخذ المعول أو المسحاة، بالشك. قوله: (فضرب)، أي: الكدية، وفي رواية الإسماعيلي: ثم سمى ثلاثا ثم ضرب، وعند الحارث ابن أبي أسامة من طريق سليمان التيمي عن أبي عثمان، قال: ضرب النبي صلى الله عليه وسلم، في الخندق ثم قال:
* بسم الله وبه بدينا * ولو عبدنا غيره شقينا * حبذا ربا وحبذا دينا قوله: (كثيبا)، بفتح الكاف وكسر الثاء المثلثة: هو الرمل، قال الله تعالى: * (كثيبا مهيلا) * (المزمل: 14). أي: تفتت حتى صار كالرمل يسيل ولا يتماسك. قوله: (أهيل)، الأهيل هو أن ينهال فيسيل من لينه ويتساقط من جوانبه، وفي رواية أحمد: كثيبا يهال. قوله: (أو أهيم)، شك من الراوي أي: أو عاد كثيبا أهيم، وهو بمعنى الأهيل، والهيام من الرمل ما كان دقاقا يابسا، وفي رواية الإسماعيلي: أهيل، بغير شك، وكذا في رواية يونس، وقال عياض: ضبطها بعضهم: أهثم، بالثاء المثلثة، وبعضهم بالتاء المثناة من فوق وفسرها بأنها تكسرت، والمعروف بالياء آخر الحروف، قوله: (إئذن لي إلى البيت) أي: إئذن لي حتى آتي بيتي. قوله: (فقلت لامرأتي) وفيما قبله حذف تقديره: فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم، بأن يأتي إلى بيته، فقال ما ذكرنا هنا، وهو قوله: (فقلت لامرأتي: رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم، شيئا) يعني: من الجوع، واسم المرأة، سهيلة بنت مسعود بن أوس الظفرية الأنصارية بايعت. قوله: (عندي شعير)، بين يونس ابن بكير في روايته أنه صاع. قوله: (عناق)، بفتح العين: الأنثى من أولاد المعز. قوله: (فذبحت)، الذابح هو جابر يخبر عن نفسه بذلك. قوله: (وطحنت) أي: امرأته، وفي رواية أحمد عن سعيد، فأمرت امرأتي فطحنت وصنعت لنا خبزا. قوله: (حتى جعلنا) وفي رواية الكشميهني: حتى جعلت. قوله: (في البرمة) بضم الباء الموحدة وسكون الراء: وهي القدر مطلقا، وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن. قوله: (والعجين قد انكسر) يعني: لان وتمكن فيه الخمير. قوله: (الأثافي) بفتح الهمزة جمع الأثفية بضم الهمزة وقد تخفف الياء في الجمع: وهي الحجارة التي تنصب وتوضع القدر عليها، يقال: أثفيت القدر، إذا جعلت لها الأثافي، وثفيتها إذا وضعتها عليها، والهمزة فيه زائدة. قوله: (طعيم) مصغر طعام صغره لأجل قلته، وقال ابن التين: ضبطه بعضهم بتخفيف الياء وهو غلط. قلت: لأن: طعيم، بتخفيف الياء تصغير طعم لا تصغير الطعام. قوله: (لي صفة طعيم) أي: مصنوع لأجلي. قوله: (فقم أنت يا رسول الله ورجل) قوله: (أو رجلان) شك من الراوي، وفي رواية يونس: ورجلان، بلا شك. قوله: (فقال: كم هو؟) أي: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كم طعامك؟ قوله: (فذكرت له)، أي: لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وبينت له الطعام. قوله: (فقال: كثير طيب) أي: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: طعام كثير طيب. قوله: (لا تنزع البرمة) أي: من فوق الأثافي. قوله: (ولا الخبز) ولا تنزع الخبز من التنور. قوله: (حتى آتي) أي: إلى أن آتي بيتكم. أي: أجيء. قوله: (فقال: قوموا) أي: فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمن كان عنده من الصحابة: قوموا إلى أكل جابر. قوله: (قالت: هل سألك) أي: قالت امرأة جابر له: هل سألك رسول الله، صلى الله عليه وسلم عن حال الطعام؟ وفي رواية يونس: فقالت: الله ورسوله أعلم، نحن قد أخبرنا بما عندنا، وفي رواية أبي الزبير عن جابر: أنها قالت لجابر، فارجع إليه فبين له، فأتيته فقلت: يا رسول الله إنما هو عناق وصاع من شعير، قال: فارجع ولا تحركن شيئا من التنور ولا من القدر حتى آتيها واستعر صحافا. قوله: (فقال: ادخلوا) أي: فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمن معه من المهاجرين والأنصار: ادخلوا الدار. قوله: (لا تضاغطوا) أي: ولا تزدحموا، ومادته ضاد وغين معجمتان وطاء مهملة: من الضغطة. قوله: (فجعل) أي: رسول الله، صلى الله عليه وسلم. قوله: (وأهدى) بهمزة قطع من الإهداء لا من الهدية، كما قال بعضهم. قوله: (فإن الناس...) إلى آخره، بيان سبب
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»