عمدة القاري - العيني - ج ١٧ - الصفحة ١٧٩
(بشعة) بفتح الباء الموحدة والشين المعجمة: أي كريهة الطعم تأخذ الحلق، كذا ضبطه الدمياطي بخطه، وعليه مشى ابن التين وضبطه بعضهم بالنون والشين والغين المعجمتين بمعنى: أنهم يحصل لهم منها شبه الغشي عند إزدرادها، لأن النشغ في الأصل الشهيق حتى يكاد يبلغ به الغشي. قوله: (منتن) قال صاحب (التوضيح): صوابه منتنة، لأن الريح مؤنثة. قلت: الريح تذكر وتؤنث فلا يقال الصواب: تأنيثه.
4101 حدثنا خلاد بن يحيى حدثنا عبد الواحد بن أيمن عن أبيه قال أتيت جابرا رضي الله تعالى عنه فقال إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة فجاؤا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا هاذه كدية عرضت في الخندق فقال أنا نازل ثم قام وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول فضرب فعاد كئيبا أهيل أو أهيم فقلت يا رسول الله إئذن لي إلى البيت فقلت لامرأتي رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم شيئا ما كان في ذالك صبر فعندك شيء قالت عندي شعير وعناق فذبحت العناق وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافي قد كادت أن تنضج فقلت طعيم لي فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان قال كم هو فذكرت له قال كثير طيب قال قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي فقال قوموا فقام المهاجرون والأنصار فلما دخل على امرأته قال ويحك جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار ومن معهم قالت هل سألك قلت نعم فقال ادخلوا ولا تضاغطوا فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا وبقي بقية قال كلي هاذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة..
مطابقته للترجمة في قوله: (يوم الخندق). وخلاد، على وزن فعال بالتشديد: ابن يحيى بن صفوان أبو محمد السلمي الكوفي، مات بمكة قريبا من سنة ثلاث عشرة ومائتين، وهو من أفراده، وعبد الواحد بن أيمن الأيسر يروي عن أبيه أيمن الحبشي مولى ابن أبي عمر المخزومي القرشي المكي من أفراد البخاري. والحديث أيضا من أفراده.
قوله: (يوم الخندق) نصب على الظرف. قوله: (يحفر) خبر: إن. قوله: (كدية) بضم الكاف وسكون الدال المهملة وبالياء آخر الحروف: وهي القطعة الصلبة من الأرض لا يؤثر فيها المعول، ووقع في رواية أبي ذر: كبدة، بفتح الكاف وسكون الباء الموحدة قبل الدال، وقال عياض: كان المراد أنها واحدة الكبد وهو الجبل، وقال الخطابي: كبدة، بالباء الموحدة إن كانت محفوظة فهي القطعة من الأرض الصلبة، وأرض كبداء وقوس كبداء أي: شديدة، ووقع في رواية الأصيلي عن الجرجاني: كندة، بنون، وعند ابن السكن: كتدة، بفتح التاء المثناة من فوق، وقال عياض: لا أعرف لها معنى، وفي رواية: كذانة بذال معجمة ونون، وهي القطعة من الجبل، وعند ابن إسحاق: صخرة، وفي رواية عبلة: وهي الصخرة الصماء وجمعها: عبلات، ويقال لها: العبلاء، والأعبل وكلها الصخرة. قوله: (وبطنه معصوب بحجر)، زاد يونس في روايته: من الجوع، وفي رواية أحمد: أصابهم جهد شديد حتى ربط النبي صلى الله عليه وسلم، على بطنه حجرا من الجوع. فإن قلت: ما كان فائدة ربط الحجر؟ فهل ذلك يدفع الجوع أم لا؟ قلت: قيل: إن البطن يضمر من الجوع فيربط الحجر على البطن ليدفع انحناء الصلب، لأن الجائع ينحني صلبه إذا اشتد به الجوع. وقال الكرماني: فائدته تسكين حرارة الجوع ببرودة الحجر، أو ليعتدل قائما، أو لأنها حجارة رقاق
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»