عمدة القاري - العيني - ج ١٦ - الصفحة ١٢٠
الحديبية)، وهي غزوة الحديبية وكانت في ذي القعدة سنة ست بلا خلاف، والحديبية، بضم الحاء المهملة مثال دويهية وهي بئر على مرحلة من مكة مما يلي المدينة. وقال الخطابي: سميت الحديبية بشجرة حدباء كانت هناك، وقال ابن إسحاق: خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة معتمرا لا يريد حربا، وخرج معه ناس من المهاجرين والأنصار ومن لحق به من العرب، وكان معه من الهدي سبعون بدنة، وكانوا خمس عشرة مائة على ما ذكره جابر. وعن البراء: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة، رواه البخاري أيضا على ما يجيء الآن. وقال ابن إسحاق: كانوا سبعمائة، وإنما قال كذلك تفقها من تلقاء نفسه من حيث إن البدن كانت سبعين بدنة. قوله: (بين يديه ركوة) بفتح الراء وهي: إناء صغير من جلد يشرب منها الماء، والجمع: ركا. قوله: (فجهش الناس) بفتح الجيم والهاء بعدها شين معجمة، وهو فعل ماض، والناس فاعله، ومعناه: أسرعوا إلى أخذ الماء، والفاء في أوله رواية الكشميهني، وفي رواية غيره بدون الفاء. وقال الكرماني: وجهش من الجهش وهو أن يفزع الإنسان إلى غيره ويريد البكاء، كالصبي يفزع إلى أمه وقد تهيأ للبكاء. قوله: (يثور)، بالثاء المثلثة في رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني: يفور، بالفاء موضع الثاء، وهما بمعنى واحد.
7753 حدثنا مالك بن إسماعيل حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله تعالى عنه قال كنا يوم الحديبية أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنزحناها حتى لم نترك فيها قطرة فجلس النبي صلى الله عليه وسلم على شفير البئر فدعا بماء فمضمض ومج في البئر فمكثنا غير بعيد ثم استقينا حتى روينا ورويت أو صدرت ركابنا.
مطابقته للترجمة ظاهرة وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق يروي عن جده أبي إسحاق عمرو بن عبد الله عن البراء بن عازب، رضي الله تعالى عنه.
والحديث من أفراده.
قوله: (أربع عشرة مائة) كان القياس أن يقال: ألفا وأربعمائة، لكن قد يستعمل بترك الألف واعتبار المئات أيضا. وكذلك الكلام في رواية جابر: كنا خمس عشرة مائة، والقياس أن يقال: ألفا وخمسمائة، وكذلك الكلام في رواية مسلم من حديث إياس بن سلمة عن أبيه. قال: قدمنا الحديبية مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم ونحن أربع عشرة مائة، وفي (التوضيح) في قول جابر: كنا خمس عشرة مائة، قال ابن المسيب: هذا وهم، وكانوا أربع عشرة مائة، وعلى هذا مالك وأكثر الرواة. وقيل: كانوا ثلاث عشرة مائة، فإذا كان أكثر الرواة على أربع عشرة مائة يحمل قول من يزيد على هذا مائة أو ينقص مائة على عدد من انضم إلى المهاجرين والأنصار من العرب، فمنهم من جعل المضافين إليهم مائة، ومنهم من جعل المهاجرين والأنصار ثلاث عشرة مائة، ولم يعدوا المضافين إليهم لكونهم أتباعا. قوله: (على شفير البئر) أي: حده وطرفه. قوله: (ورويت) بكسر الواو. قوله: (أو صدرت) أي: رجعت. قوله: (ركابنا) بكسر الراء أي: الإبل التي تحمل القوم.
8753 حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول أبو طلحة لأم سليم لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا أعرف فيه الجوع فهل عندك من شيء قالت نعم فأخرجت أقراصا من شعير ثم أخرجت خمارا لها فلفت الخبز ببعضه ثم دسته تحت يدي ولا ثتني ببعضه ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذهبت به فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه الناس فقمت عليهم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلك أبو طلحة فقلت نعم قال بطعام فقلت نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه قوموا فانطلق وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته فقال أبو طلحة يا أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وليس عندنا ما نطعمهم
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»