عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ١٣٠
أن المعتمر إذا جامع قبل الحلق بعد طوافه وسعيه أنه مفسد عمرته، وهو قول الشافعي. وقال ابن المنذر: ولا أحفظ ذلك عن غيره. وقال مالك والثوري والكوفيون: عليه الهدي، وقال عطاء: يستغفر الله ولا شيء عليه. وقال الطبري: وفي حديث أبي موسى بيان فساد من قال: إن المعتمر إن خرج من الحرم قبل أن يقصر أن عليه دما، وإن كان طاف وسعى قبل خروجه منه. وفيه: أيضا أنه صلى الله عليه وسلم إنما أذن لأبي موسى بالإحلال من عمرته بعد الطواف والسعي، فبان بذلك أن من حل منها قبل ذلك فقد أخطأ وخالف السنة. واتضح به فساد قول من زعم أن المعتمر إذا دخل الحرم فقد حل، وله أن يلبس ويتطيب ويعمل ما يعمله الحلال. وهو قول ابن عمر وابن المسيب وعروة والحسن، واختلف العلماء إذا وطئ المعتمر بعد طوافه وقبل سعيه، فقال مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور: عليه الهدي وعمرة أخرى مكانها، ويتم عمرته التي أفسدها. قال صاحب (التوضيح): ووافقهم أبو حنيفة إذا جامع بعد أربعة أشواط بالبيت، أنه يقضي ما بقي من عمرته وعليه دم، ولا شيء عليه، وهذا الحكم لا دليل عليه إلا الدعوى قلت.
6971 حدثنا أحمد بن عيسى قال حدثنا ابن وهب قال أخبرنا عمر و عن أبي الأسود أن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر قال حدثه أنه كان يسمع أسماء تقول كلما مرت بالحجون صلى الله على محمد لقد نزلنا معه هاهنا ونحن يومئذ خفاف قليل ظهرنا قليلة أزوادنا فاعتمرت أنا وأختي عائشة والزبير وفلان وفلان فلما مسحنا البيت أحللنا ثم أهللنا من العشي بالحج.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (فلما مسحنا البيت أحللنا)، لأن معناه: لما طفنا بالبيت أحللنا أي: صرنا حلالا. والطواف ملزوم للمسح عرفا. فإن قلت: المعتمر إنما يحل بعد الطواف وبعد السعي بين الصفا والمروة والحلق أيضا، فكيف يكون هذا؟ قلت: حذف ذلك منه للعلم به كما يقال: لما زنى فلان رجم، والتقدير لما أحصن وزني رجم.
ذكر رجاله: وهم ستة: الأول: أحمد بن عيسى، كذا وقع في رواية كريمة: أحمد بن عيسى منسوبا وهو أحمد بن عيسى بن حسان أبو عبد الله التستري، مصري الأصل. كان يتجر إلى تستر، مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين. وقال ابن قانع: مات بسر من رأى، تكلم فيه يحيى بن معين، وروى عنه مسلم أيضا وفي رواية الأكثرين: حدثنا أحمد غير منسوب يحدث عنه البخاري في غير موضع، كذا من غير نسبة، واختلفوا فيه، فقال قوم: إنه أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي عبد الله بن وهب، وقال آخرون: إنه أحمد ابن صالح أو أحمد بن عيسى، وقال أبو أحمد الحافظ النيسابوري، أحمد بن وهب هو ابن أخي ابن وهب، وقال أبو عبد الله ابن منده: كل ما قال البخاري في الجامع حدثنا أحمد عن ابن وهب هو أحمد بن صالح المصري، ولم يخرج البخاري عن أحمد بن عبد الرحمن في (الصحيح) شيئا وإذا حدث عن أحمد بن عيسى نسبه، ووقع في رواية أبي ذر: حدثنا أحمد بن صالح. وقد أخرجه مسلم عن أحمد بن عيسى عن ابن وهب. الثاني: عبد الله بن وهب. الثالث: عمرو، بفتح العين: ابن الحارث. الرابع: أبو الأسود هو محمد بن عبد الرحمن المشهور بيتيم عروة بن الزبير. الخامس: عبد الله بن كيسان أبو عمرو، مولى أسماء بنت أبي بكر. السادس: أسماء بنت أبي بكر.
السادس أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنه ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين، وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: الإخبار بصيغة الجمع في موضع. وفيه: العنعنة في موضع. وفيه: السماع. وفيه: القول في موضع. وفيه: أن رجال هذا الإسناد نصفهم مصريون ونصفهم مدنيون. وفيه: أن عبد الله المذكور ليس له عند البخاري غير حديثين: أحدهما هذا، والآخر مضى في: باب من قدم ضعفة أهله فافهم.
والحديث أخرجه مسلم في الحج أيضا عن هارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى، كلاهما عن ابن وهب.
ذكر معناه: قوله: (بالحجون)، بفتح الحاء المهملة وضم الجيم المخففة وفي آخره نون، قال البكري: الحجون على وزن: فعول، موضع بمكة عند المحصب، وهو الجبل المشرف بحذاء المسجد الذي على شعب الجزارين إلى ما بين
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»