عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ١٢٩
فطاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين وطاف بين الصفا والمروة سبعا وقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة قال وسألنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فقال لا يقربنها حتى يطوف بين الصفا والمروة) مطابقته للترجمة من حيث أن المعتمر لا يحل حتى يطوف بين الصفا والمروة سبعا بعدما طاف بالبيت سبعا كما يخبر به حديث ابن عمر وجابر رضي الله تعالى عنهم والحديث مر في كتاب الصلاة في باب قول الله عز وجل * (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) * فإنه أخرجه هناك بعين هذا الإسناد وبعين هذا المتن من غير زيادة وهذا نادر جدا * والحميدي بضم الحاء وفتح الميم هو عبد الله بن الزبير نسبة إلى أحد أجداده حميد وسفيان هو ابن عيينة وقد مر الكلام فيه مستوفى هناك قوله ' في عمرة ' وفي رواية أبي ذر ' في عمرته ' قوله ' أيأتي امرأته ' الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار أي يجامعها قوله ' لا يقربنها ' أي لا يباشرنها بينهما وهو بنون التأكيد والمراد نهي المباشرة بالجماع ومقدماته لا مجرد القرب منها قوله ' فطاف بين الصفا والمروة ' أي سعى بينهما وإطلاق الطواف على السعي إنما هو للمشاكلة ويجوز أن يكون لكونه نوعا من الطواف قوله ' إسوة ' بكسر الهمزة وضمها قوله ' قال وسألنا جابرا ' القائل هو عمرو بن دينار. وفيه وجوب السعي بين الصفا والمروة وصلاة ركعتين بعد الطواف خلق المقام 5971 حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا غندر قال حدثنا شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم بالبطحاء وهو منيخ فقال أحججت قلت نعم قال بما أهللت قلت لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم قال أحسنت طف بالبيت وبالصفا والمروة ثم أحل فطفت بالبيت وبالصفا والمروة ثم أتيت امرأة من قيس ففلت رأسي ثم أهللت بالحج فكنت أفتي به حتى كان في خلافة عمر فقال إن أخذنا بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام وإن أخذنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يحل حتى يبلغ الهدي محله.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (طف بالبيت وبالصفا والمروة ثم أحل) فإنه يخبر أن المعتمر يحل بعد الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، والحديث مضى في: باب من أهل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه أخرجه هناك: عن محمد بن يوسف عن سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى، وهنا أخرجه: عن محمد بن بشار عن غندر وهو محمد بن جعفر البصري... إلى آخره، وقد مر الكلام فيه هناك مستقصى.
قوله: (منيخ) أي: راحلته، وهو كناية عن النزول بها. قوله: (أحججت؟) الهمزة فيه للاستفهام أي: هل أحرمت بالحج أو نويت الحج؟ قوله: (ففلت رأسي) أي: ففتشت رأسي واستخرجت منه القمل، وهو على وزن: رمت، وأصله، فليت، قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت لالتقاء الساكنين فصار: فلت، على وزن: فعت، لأن المحذوف منه لام الفعل، وذلك كما فعل في رمت ونحوه من معتل اللام. قوله: (يأمرنا بالتمام) وفي رواية الكشميهني: (يأمر). قوله: (حتى يبلغ)، وفي رواية الكشميهني: (حتى بلغ)، بلفظ الماضي.
واحتج الطبري بهذا الحديث على أن من زعم أن المعتمر يحل من عمرته إذا أكمل عمرته ثم جامع قبل أن يحلق أنه مفسد لعمرته، فقال: ألا ترى قوله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى: (طف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم أحل). ولم يقل: طف بالبيت وبين الصفا والمروة وقصر من شعرك أو إحلق ثم أحل، فتبين بذلك أن الحلق والتقصير ليسا من النسك، وإنما هما من معاني الإحلال، كما أن لبس الثياب والطيب بعد طواف المعتمر بالبيت وسعيه من معاني إحلاله، فتبين فساد قول من زعم
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»