عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ١١٩
بعمرة فأظلني يوم عرفة وأنا حائض فشكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ارفضي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج فلما كان ليلة الحصبة أرسل معي عبد الرحمان إلى التنعيم فأهللت بعمرة مكان عمرتي.
.
مطابقته للترجمة في قوله: (فلما كان ليلة الحصبة...) إلى آخره، وهذا الحديث قد مر غير مرة، وذكره في كتاب الحيض في ثلاثة أبواب، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير البصري، وهشام هو ابن عروة، وأبو عروة ابن الزبير بن العوام، رضي الله تعالى عنه.
قوله: (موافين) أي: مكملين ذا القعدة مستقبلين لهلال ذي الحجة. قال الجوهري: يقال: وافى فلان: إذا أتى. ويقال: وفى: إذا تم. وقد سبق الكلام فيه هناك مستوفى وعند الترجمة أيضا، ومن حديث الباب استحب مالك للحاج أن يعتمر حتى تغيب الشمس من آخر أيام التشريق، لأنه صلى الله عليه وسلم قد كان وعد عائشة بالعمرة، وقال لها: كوني في حجك، عسى الله أن يرزقكها، ولو استحب لها العمرة في أيام التشريق لأمرها بالعمرة فيها، وبه قال الشافعي، وإنما كرهت العمرة فيها للحاج خاصة لئلا يدخل عملا على عمل، لأنه لم يكمل عمل الحج بعد، ومن أحرم بالحج فلا يحرم بالعمرة، لأنه لا تضاف العمرة إلى الحج عند مالك وطائفة من العلماء. وأما من ليس بحاج فلا يمنع من ذلك. فإن قلت: قد روى أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في هذا الباب: (وكنت ممن أهل بعمرة)، وروى مثله يحيى القطان عن هشام في الباب بعد هذا وهذا بخلاف ما تقدم عن عائشة أنها أهلت بالحج. قلت: أحاديث عائشة قد أشكلت على الأئمة قديما، فمنهم من جعل الاضطراب فيها من قبلها، ومنهم من جعله من قبل الرواة عنها، وقد مر الكلام فيه فيما مضى غير مرة.
6 ((باب عمرة التنعيم)) أي: هذا باب في بيان العمرة من التنعيم: هل يتعين لمن كان بمكة أم لا؟ وإذا لم يتعين هل لها فضل على الاعتمار من غيرها من جهات الحل أو لا؟ وتفسير التنعيم مر غير مرة.
4871 حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان عن عمر و سمع عمرو بن أوس أن عبد الرحمان بن أبي بكر رضي الله تعالى عنهما قال أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يردف عائشة ويعمرها من التنعيم قال سفيان مرة سمعت عمرا كم سمعته من عمر و.
(الحديث 4871 طرفه في: 5892).
مطابقته للترجمة في قوله: (ويعمرها من التنعيم)، وعلي بن عبد الله المعروف بابن المديني، وسفيان هو ابن عيينة، وعمرو هو ابن دينار، وعمرو بن أوس، بفتح الهمزة وسكون الواو وفي آخره سين مهملة، الثقفي المكي.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في الجهاد عن عبد الله بن محمد. وأخرجه مسلم في الحج عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد ابن عبد الله بن نمير. وأخرجه الترمذي، رضي الله تعالى عنه، فيه عن يحيى بن موسى ومحمد بن يحيى بن أبي عمرو. وأخرجه النسائي فيه عن أبي قدامة عبيد الله بن سعيد. وأخرجه ابن ماجة، رحمه الله تعالى فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي إسحاق إبراهيم بن محمد.
ذكر معناه: قوله: (أن يردف) أي: بأن يردف، وأن، مصدرية أي: بالإرداف، ومعناه أمره أن يركب عائشة أخته وراءه على ناقته. قوله: (ويعمرها)، بضم الياء من الإعمار، أي: وأن يعمرها، وقال بعضهم: ويعمرها من التنعيم، معطوف على قوله: (أمره أن يردف)، وهذا يدل على أن إعمارها من التنعيم كان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم قلت: هذا كلام عجيب، لأن كون عطف: يعمرها على قوله: يردف لا يشك فيه أحد ولا نزاع فيه. وقوله: وهذا يدل على أن إعمارها من التنعيم، كأن بأمر النبي صلى الله عليه وسلم أعجب من ذاك، لأن قوله: (ويعمرها) داخل في حكم: أن يردف بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون قوله: يعمرها أيضا بأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهذا صريح، ولم يكتف هذا القائل بهذا حتى قال: وأصرح منه
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»