وذلك لئلا يكون كمن يتطلب عثراتها، أو يريد كشف أستارها. قوله: (أن يطرق) أي: عن أن يطرق، أي: عن الطروق وكلمة: أن، مصدرية، وانتصاب ليلا على الظرفية.
71 ((باب من أسرع ناقته إذا بلغ المدينة)) أي: هذا باب في بيان من أسرع ناقته قال الكرماني: أصله أسرع بناقته، فنصب بنزع الخافض منه، وقال الإسماعيلي: أسرع ناقته ليس بصحيح، والصواب أسرع بناقته، يعني: لا يتعدى بنفسه، وإنما يتعدى بالباء. قلت: كل منهما ذهل عما قاله صاحب (المحكم) إن أسرع يتعدى بنفسه ويتعدى بالباء، ولم يطلعا على ذلك، فأوله الكرماني بما ذكره، وخطأه الإسماعيلي، فلو وقفا على ذلك لما تعسفا، وفي بعض النسخ: باب من يسرع ناقته، بلفظ المضارع.
2081 حدثنا سعيد بن أبي مريم قال أخبرنا محمد بن جعفر قال أخبرني حميد أنه سمع أنسا رضي الله تعالى عنه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر فأبصر درجات المدينة أوضع ناقته وإن كانت دابة حركها.
(الحديث 2081 طرفه في: 6881).
مطابقته للترجمة في قوله: (أوضع ناقته) أي: أسرع السير، ومحمد بن جعفر هو ابن أبي كثير المدني أخو إسماعيل، وحميد هو الطويل.
والحديث انفرد به البخاري نعم في مسلم: (عن أنس لما وصف فقوله، عليه الصلاة والسلام، من خيبر: فانطلقنا حتى أتينا جدر المدينة، غشينا إليها فرفعنا مطيتنا، ورفع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مطيته.
قوله: (فأبصر درجات المدينة)، بفتح الدال المهملة والراء والجيم: جمع درجة، والمراد: طرقها المرتفعة. وقال صاحب (المطالع): يعني المنازل، والأشبه الجدرات. والدرجات هي رواية الأكثرين، وفي رواية المستملي: (دوحات)، بفتح الدال وسكون الواو بعدها حاء مهملة: جمع دوحة، وهي الشجرة العظيمة المتسعة، ويجمع أيضا على: دوح وأدواح جمع الجمع. وقال أبو حنيفة: الدوائح العظائم وكأنه جمع دائحة، وإن لم يتكلم به، والدوحة: المظلة العظيمة، والدوح بغير هاء البيت الضخم الكبير من الشعر، وفي (شرح المعلقات) لأبي بكر محمد بن القاسم الأنباري، يقال: شجرة دوحة إذا كانت عظيمة كثيرة الورق والأغصان. وفي (الجامع) للقزاز: الدوح العظام من الشجرة من أي نوع كان من الشجر. قوله: (أوضع ناقته)، يقال: وضع البعير أي أسرع في مشيه، وأوضعه راكبه أي: حمله على السير السريع. قوله: (وإن كانت دابة)، كان فيه تامة، والدابة أعم من الناقة وقوله: (حركها) جواب: إن.
قال أبو عبد الله زاد الحارث بن عمير عن حميد حركها من حبها أبو عبد الله هو البخاري نفسه، والحارث بن عمير مصغر عمرو البصري، نزل مكة. وأراد أن الحارث بن عمير روى الحديث المذكور عن حميد المذكور عن أنس، وزاد في روايته: (حركها من حبها) أي: حرك دابته بسبب حب المدينة وهذا التعليق وصله الإمام أحمد، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق حدثنا الحارث بن عمير عن حميد الطويل (عن أنس: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدرات المدينة أوضع ناقته، وإن كان على دابة حركها من حبها). وروى هذه اللفظة أيضا الترمذي عن علي بن حجر: أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس، وقال: حسن صحيح غريب.
وفيه: دلالة على فضل المدينة وعلى مشروعية حب الوطن والحنة إليه.
حدثنا قتيبة قال حدثنا إسماعيل عن حميد عن أنس قال جدرات وإسماعيل هو ابن جعفر بن أبي كثير المدني، والجدرات، بضم الجيم والدال: جمع جدر، بضمتين جمع: جدار. وأخرجه الإسماعيلي من هذا الوجه بلفظ: جدران، بضم الجيم وسكون الدال وفي آخره نون، جمع جدار. وقد أورد البخاري طريق قتيبة هذا في فضائل المدينة بلفظ الحارث بن عمير، إلا أنه قال: راحلته، بدل: ناقته.