عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ١٢٨
يسع، وله أن يفعل كل ما حرم على المحرم، ويكون الطواف والسعي في حقه كالرمي والمبيت في حق الحاج، وهذا مذهب شاذ. وقال ابن بطال: لا أعلم خلافا بين أئمة الفتوى: أن المعتمر لا يحل حتى يطوف ويسعى.
وقال عطاء عن جابر رضي الله تعالى عنه أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يجعلوها عمرة ويطوفوا ثم يقصروا ويحلوا مطابقته للترجمة من حيث إنه فهم من قوله صلى الله عليه وسلم: (إن المعتمر لا يحل حتى يطوف ويقصر). فإن قلت: لم يذكر السعي هنا؟ قلت: مراده من قوله (ويطوفوا) أي: بالبيت وبين الصفا والمروة لأن جابر أجزم بأن المعتمر لا يحل له أن يخرج امرأته حتى يطوف بين الصفا والمروة، فعلم من هذا أن المراد من الطواف في قوله: (ويطوفوا) أعم من الطواف بالبيت ومن الطواف بين الصفا والمروة، وهذا التعليق طرف من حديث وصله البخاري في: باب عمرة التنعيم.
1971 حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن جرير عن إسماعيل عن عبد الله بن أبي أوفى قال اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتمرنا معه فلما دخل مكة وطفنا معه وأتى الصفا والمروة وأتيناها معه وكنا نستره من أهل مكة أن يرميه أحد فقال له صاحب لي أكان دخل الكعبة قال لا. قال فحدثنا ما قال لخديحة قال بشروا خديجة ببيت من الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
(الحديث 2971 طرفه في: 9183).
مطابقته للترجمة ظاهرة.
ورجاله أربعة الأول: إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه. الثاني: جرير بن عبد الحميد. الثالث: إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي البجلي الكوفي، واسم أبي خالد سعد، ويقال: هرمز، ويقال: كثير، مات سنة أربع أو خمس أو ست وأربعين ومائة. الرابع: عبد الله بن أبي أوفى، واسم أبي أوفى علقمة، مات سنة ست وثمانين، وهو أحد من روى عنه أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه، ولا يلتفت إلى قول المنكر المتعصب.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في الحج عن مسدد، وفي المغازي عن محمد بن عبد الله ابن نمير، وعن علي بن عبد الله عن سفيان، وأخرجه أبو داود فيه عن مسدد وعن تميم بن المنتصر، وأخرجه النسائي فيه عن عمرو بن علي وعن إبراهيم بن يعقوب، وأخرجه ابن ماجة فيه عن ابن نمير.
ذكر معناه: قوله: (عن جرير)، وقال ابن راهويه في (مسنده): أخبرنا جرير. قوله: (اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: عمرة القضاء. قوله: (وأتيناها)، ويروى: (وأتيناهما) أي: الصفا والمروة، وهذا هو الأصل، ووجه إفراد الضمير على تقدير: أتينا بقعة الصفا والمروة. قوله: (وأتى الصفا والمروة) أي: سعى بينهما. قوله: (أن يرميه أحد) أي: مخافة أن يرميه أحد من المشركين. قوله: (قال له صاحب لي) أي: قال إسماعيل المذكور لعبد الله بن أبي أوفى، رضي الله تعالى عنه. قوله: (أكان) أي: أكان النبي صلى الله عليه وسلم (دخل الكعبة؟ قال: لا) أي: لم يدخل الكعبة في تلك العمرة، وليس المراد نفي دخوله مطلقا، لأنه ثبت دخوله في غير هذا الحالة. قوله: (فحدثنا) بلفظ الأمر. قوله: (لخديجة) هي: بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (ببيت) قال الخطابي: أي بقصر. قوله: (من الجنة)، ويروى: (في الجنة). بكلمة: في. قوله: (لا صخب)، بفتح الصاد المهملة والخاء المعجمة والباء الموحدة: وهو الصياح (والنصب) بالنون التعب، ومعنى نفي الصخب والنصب أنه ما من بيت في الدنيا يجتمع فيه أهله إلا كان بينهم صخب وجلبة، وإلا كان في بنائه وإصلاحه نصب وتعب، فأخبر أن قصور أهل الجنة بخلاف ذلك ليس فيها شيء من الآفات التي تعتري أهل الدنيا.
وفيه من الفوائد: أن العمرة لا بد فيها من الطواف والسعي بين الصفا والمروة. وفيه: بيان فضيلة خديجة، رضي الله تعالى عنها.
369 - (حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار قال سألنا ابن عمر رضي الله عنهما عن رجل طاف بالبيت في عمرة ولم يطف بين الصفا والمروة أيأتي امرأته فقال قدم النبي
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»