عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ١٢٥
9 ((باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة ثم خرج هل يجزئه من طواف الوداع)) أي: هذا باب في باين حكم المعتمر إذا طاف إلى آخره، وجواب: هل، محذوف تقديره: يجزيه ويغني طواف العمرة عن طواف الوداع. وقال بعضهم: كأن البخاري لما لم يكن في حديث عائشة التصريح بأنها ما طافت للوداع بعد طواف العمرة لم يثبت الحكم في الترجمة. انتهى. قلت: الحديث يدل على أن طواف العمرة يغني عن طواف الوداع، وإن لم يدل على ذلك صريحا، إذ لو كان لا بد من طواف الوداع لذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث، ولم يذكر إلا طواف العمرة.
8871 حدثنا أبو نعيم قال حدثنا أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت خرجنا مهلين بالحج في أشهر الحج وفي حرم الحج فنزلنا بسرف فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه من لم يكن معه هدي فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل ومن كان معه هدي فلا وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجال من أصحابه ذوي قوة الهدي فلم تكن لهم عمرة فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال ما يبكيك قلت سمعتك تقول لأصحابك ما قلت فمنعت العمرة قال وما شأنك قلت لا أصلي قال فلا يضرك أنت من بنات آدم كتب عليك ما كتب عليهن فكوني في حجتك عسى الله أن يرزقكها قالت فكنت حتى نفرنا من منى فنزلنا المحصب فدعا عبد الرحمان فقال اخرج بأختك إلى الحرم فلتهل بعمرة ثم افرغا من طوافكما أنتظر كما ههنا فأتينا في جوف الليل فقال فرغتما قلت نعم فنادى بالرحيل في أصحابه فارتحل الناس ومن طاف بالبيت قبل صلاة الصبح ثم خرج متوجها إلى المدينة.
.
مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (فلتهل بعمرة). ورجاله قد ذكروا غير مرة، وأبو نعيم، بضم النون: الفضل بن دكين.
والحديث أخرجه البخاري أيضا عن محمد بن بشار عن أبي بكر الحنفي، وأخرجه مسلم في الحج أيضا عن محمد بن عبد الله ابن نمير عن إسحاق بن سليمان، وأخرجه النسائي فيه عن هناد بن السري، وغالب ما فيه من الأحكام قد ذكر فيما مضى مفرقا.
قوله: (وفي حرم الحج) بضم الحاء والراء، وهي الحالات والأماكن والأوقات التي للحج، وروي، بفتح الراء جمع حرمة أي محرمات الحج. قوله: (بسرف) أي: في سرف، وقد فسرناه غير مرة، وهو مكان بقرب مكة. وفي رواية أبي ذر وأبي الوقت: (سرف)، بحذف الباء، وكذا في رواية مسلم من طريق إسحاق بن عيسى بن الطباع عن أفلح. قوله: (فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: من لم يكن معه هدي) ظاهره أنه أمر لأصحابه بفسخ الحج إلى العمرة. فإن قلت: قوله هذا كان بسرف، وفي غير هذه الرواية أن قوله لهم ذلك كان بعد دخوله مكة؟ قلت: يحتمل التعدد. قوله: (ورجال)، بالجر عطف على النبي صلى الله عليه وسلم، قوله: (ذوي قوة)، صفة لقوله: (أصحابه). قوله: (الهدي) مرفوع لأنه اسم: كان. قوله: (وأنا أبكي)، جملة حالية. قوله: (فمنعت)، على صيغة المجهول. قوله: (العمرة)، منصوب على نزع الخافض أي: من العمرة. قوله: (لا أصلي)، كناية عن الحيض، وهي من ألطف الكنايات. قوله: (كتب عليك) على صيغة المجهول، وهذه رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذر: (كتب الله عليك). وكذا في رواية مسلم. قوله: (فكوني في حجتك)، وفي رواية أبي ذر: (في حجك)، وكذا في رواية مسلم. قوله: (فعسى الله)، ويروى (عسى الله)، بدون الفاء. قوله: (فنزلنا) المحصب وهو الأبطح، وفيه اختصار أظهرته رواية مسلم بلفظ: (حتى نزلنا منى فتطهرت ثم طفت بالبيت فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصب). قوله: (فدعا عبد الرحمن)، هو ابن أبي بكر أخو عائشة، رضي
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»