عمدة القاري - العيني - ج ١٠ - الصفحة ١٣٦
تابعه الحارث بن عمير أي: تابع إسماعيل الحارث بن عمير في قوله: جدرات، وروى أحمد رواية الحارث كما ذكرناها عن قريب.
81 ((باب قول الله تعالى: * (و أتوا البيوت من أبوابها) * (البقرة: 981).)) أي: هذا باب في بيان سبب نزول هذه الآية.
3081 حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت البراء رضي الله تعالى عنه يقول نزلت هذه الآية فينا كانت الأنصار إذا حجوا فجاؤا لم يدخلوا من قبل أبواب بيوتهم ولكن من ظهورها فجاء رجل من الأنصار فدخل من قبل بابه فكأنه عير بذلك فنزلت * (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها) * (البقرة: 981).
(الحديث 3081 طرفه في: 2154).
مطابقته للترجمة ظاهرة، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو إسحاق عمرو بن عبيد الله السبيعي الكوفي رحمه الله.
قوله: (كانت الأنصار إذا حجوا فجاؤوا)، قال بعضهم: هذا ظاهر في اختصاص ذلك بالأنصار؟ قلت: لا نسلم دعوى الاختصاص في ذلك، لأن هذا إخبار عن الأنصار أنهم كانوا يفعلون ذلك، ولا يلزم من ذلك نفي ذلك عن غيرهم، وقد روى ابن خزيمة والحاكم في (صحيحيهما) من طريق عمار بن زريق عن الأعمش عن أبي سفيان (عن جابر، قال: كانت قريش تدعى الحمس، وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من الأبواب، فبينما رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في بستان فخرج من بابه، فخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري، فقالوا: يا رسول الله إن قطبة رجل فاجر، فإنه خرج معك من الباب. فقال: ما حملك على ذلك؟ قال: رأيتك فعلته ففعلت كما فعلت، قال: إني أحمس. قال: فإن ديني دينك، فأنزل الله تعالى هذه الآية). وفي (تفسير) مقاتل بن سليمان: كانت الأنصار في الجاهلية إذا أحرم أحدهم بالحج أو العمرة وهو من أهل المدر، وهو مقيم في أهله لم يدخل منزله من قبل الباب، ولكن يوضع له سلم فيصعد عليه وينحدر منه، أو يتسور من الجدار أو ينقب بعض جدره، فيدخل منه ويخرج، فلا يزال كذلك حتى يتوجه إلى مكة محرما، وإن كان من أهل الوبر دخل وخرج من وراء بيته، وأن النبي، صلى الله عليه وسلم، دخل يوما نخلا لبني النجار، ودخل معه قطبة بن عامر بن حديدة الأنصاري السلمي من قبل الجدار، وهو محرم، فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من الباب وهو محرم خرج معه قطبة من الباب، فقال رجل: هذا قطبة! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما حملك أن تخرج من الباب وأنت محرم؟ فقال: يا نبي الله رأيتك خرجت من الباب وأنت محرم، فخرجت معك، وديني دينك. فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: خرجت لأني من الحمس. فقال قطبة: إن كنت أحمس فأنا أحمس، وقد رضيت بهداك. فأنزل الله تعالى: * (وليس البر) * (البقرة: 981). قوله: (فجاء رجل)، قيل: إنه هو قطبة بن عامر المذكور. وقيل: هو رفاعة بن تابوت، واحتجوا في ذلك بما رواه عبد بن حميد وابن جرير الطبري من طريق داود بن أبي هند عن قيس بن جرير أن الناس كانوا إذا أحرموا ولم يدخلوا حائطا من بابه ولا دارا من بابها، فدخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه دارا، وكان رجل من الأنصار يقال له رفاعة بن تابوت، فجاء فتسور الحائط، ثم دخل على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلما خرج من باب الدار خرج معه رفاعة، فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم: ما حملك على ذلك؟ قال: رأيتك خرجت منه فخرجت. فقال، صلى الله عليه وسلم: إني أحمس. فقال الرجل: إن ديننا واحد، فأنزل الله تعالى هذه الآية. قلت: هذا مرسل، وحديث جابر مسند وهو أقوى. فإن قلت: هل يجوز أن يحمل على التعدد؟ قلت: لا مانع من هذا، ولكن ثمة مانع آخر لأن رفاعة بن تابوت معدود في المنافقين، وهو الذي هبت الريح العظيمة لموته، كما وقع في (صحيح مسلم) مبهما، وفي غيره مفسرا، فيتعين أن يكون ذلك الرجل قطبة بن عامر، ويؤيده أيضا أن في مرسل الزهري عند الطبري: فدخل رجل من الأنصار من بني سلمة، وقطبة من بني سلمة، بخلاف رفاعة. قوله: (من قبل بابه)، بكسر القاف
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»