من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه (عن عائشة: إن الهدي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وذوي اليسار)؟ وروى البخاري أيضا، على ما سيأتي، من طريق أفلح عن القاسم بلفظ: (ورجال من أصحابه ذوي قوة...)، الحديث. وهذا يخالف ما رواه جابر، رضي الله تعالى عنه؟ قلت: التوفيق بينهما بأن يحمل على أن كلا منهما قد ذكر ما شاهده واطلع عليه، وقد روى مسلم أيضا من طريق مسلم القري، بضم القاف وتشديد الراء، عن ابن عباس في هذا الحديث، وكان طلحة ممن ساق الهدي فلم يحل، وهذا يشهد لحديث جابر في ذكر طلحة في ذلك، ويشهد أيضا لحديث عائشة، رضي الله تعالى عنها، في أن طلحة لم ينفرد بذلك، وداخل في قولها (وذوي اليسار)، وروى مسلم أيضا من حديث أسماء بنت أبي بكر أن الزبير كان ممن كان معه هدي. قوله: (وكان على قدم من اليمن)، وفي رواية ابن جريج عن عطاء عند مسلم (من سعايته). قوله: (ومعه الهدي) جملة وقعت حالا. قوله: (أهللت بما أهل به رسول الله ت)، ويروى (بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم)، وفي رواية ابن جريج عن عطاء عن جابر وعن ابن جريج عن طاووس عن ابن عباس في هذا الحديث عند البخاري في الشركة: (فقال أحدهما يقول: لبيك بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الآخر: لبيك بحجة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يقيم على إحرامه وإشراكه في الهدي) وقد مضى بيان ذلك في: باب من أهل في زمن النبي، صلى الله عليه وسلم، بإهلال النبي، صلى الله عليه وسلم. قوله: (وأن النبي، صلى الله عليه وسلم، أذن لأصحابه أن يجعلوها عمرة)، زاد ابن جريج عن عطاء فيه (وأصيبوا النساء. قال عطاء: ولم يعزم عليهم، ولكن أحلهن لهم) يعني إتيان النساء، لأن من لازم الإحلال إباحة إتيان النساء، وقد مضى البحث فيه في آخر: باب التمتع والقران. قوله: (أن يجعلوها)، الضمير فيه يرجع إلى الحج في قوله: (أهل وأصحابه بالحج) إلا أنه أنثه باعتبار الحجة. قوله: (يطوفوا بالبيت). قوله: (ثم يقصروا) عطف على: (يطوفوا) وقوله: (ويحلوا) عطف على ما قبله إلا من كان معه الهدي، فلا يحل. وفي رواية مسلم، (قال عطاء: قال جابر: فقدم النبي صلى الله عليه وسلم صبح رابعة مضت من ذي الحجة فأمرنا أن نحل. قال عطاء: قال: حلوا وأصيبوا النساء. قال عطاء: ولم يعزم عليهم ولكن أحلهن لهم، فقلنا: لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس أمرنا أن نفضي إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا بالمني، قال: يقول جابر بيده: كأني أنظر إلى قوله بيده يحركها، قال: فقام النبي، صلى الله عليه وسلم، فينا فقال: قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم، ولولا هديي لحللت كما تحلون، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، فحلوا. فحللنا وسمعنا وأطعنا...) الحديث. قوله: (فقالوا) أي: أصحابه. قوله: (وذكر أحدنا يقطر) جملة حالية أي: يقطر بالمني، إنما قالوا ذلك لأنه شق عليهم أن يحلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم محرم، ولم يعجبهم أن يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ويتركوا الاقتداء به، وقال الطيبي ولعلهم إنما شق عليهم لإفضائهم إلى النساء قبل انقضاء المناسك. قوله: (فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم) أي: بلغه ما قالوا من القول المذكور. قوله: (فقال) أي: النبي صلى الله عليه وسلم قال تطييبا لقلوبهم: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت)، أي: لو علمت في الأول ما علمت في الآخر ما سقت الهدي وأحللت وتمتعت، والمقدمة الأولى للتمني عما فات، والثانية لحكم الحال، وقال ابن الأثير: أي لو عن لي هذا الرأي الذي رأيته آخرا لأمرتكم به في أول أمري. قوله: (وأن عائشة حاضت)، عطف على أن المذكورة في أول الحديث، وكان حيضها بسرف قبل دخولهم مكة، وفي رواية مسلم عن أبي الزبير (عن جابر: أن دخول النبي صلى الله عليه وسلم عليها وشكواها ذلك له كان يوم التروية). وروى مسلم أيضا من طريق مجاهد عن عائشة أن طهرها كان بعرفة، وفي رواية القاسم عنها: (وطهرت صبيحة ليلة عرفة حين قدمنا منى)، وله من طريق آخر: (فخرجت في حجتي حتى نزلنا منى فتطرهت ثم طفنا بالبيت..) الحديث، واتفقت الروايات كلها على أنها طافت طواف الإفاضة يوم النحر. قوله: (وأن سراقة)، عطف على أن التي قبله، وسراقة، بضم السين المهملة وتخفيف الراء وبالقاف: ابن مالك بن جعشم، بضم الجيم والشين المعجمة وسكون العين بينهما: الكناني المدلجي، مر في: باب من أهل في زمن النبي
(١٢١)