عمدة القاري - العيني - ج ٨ - الصفحة ٢٧٠
(المحكم): العدل والعديل والعدل: النظير، والمثل. وقيل: هو المثل وليس بالنظير عينه، والجمع أعدال وعدلاء. وقيل: ضبط ههنا بالفتح عند الأكثرين. قوله: (من كسب طيب) أي: حلال، وهي صفة مميزة لعدل تمرة ليمتاز الكسب الخبيث الحرام. قوله: (ولا يقبل الله إلا الطيب) جملة معترضة واردة على سبيل الحصر بين الشرط والجزاء تأكيدا وتقريرا للمطلوب في النفقة، وفي رواية سليمان بن بلال الآتي ذكرها: (ولا يصعد إلى الله إلا الطيب)، وزاد سهيل في روايته الآتي ذكرها. (فيضعها في حقها). قوله: (بيمينه)، قال الخطابي: جرى ذكر اليمين ليدل به على حسن القبول، لأن في عرف الناس أن أيمانهم مرصدة لما عز من الأمور، وقيل: المراد سرعة القبول. وقال الطيبي: ولما قيد الكسب بالطيب أتبعه اليمين لمناسبة بينهما في الشرف، ومن ثمة كانت يده اليمنى صلى الله عليه وسلم للطهور، وفي رواية سهيل: إلا أخذها بيمينه، وفي رواية مسلم بن أبي مريم الآتي ذكرها: فيقبضها، وفي حديث عائشة عند البزار: (فيتلقاها الرحمن بيده)، ويقال: لما كانت الشمال عادة تنقص عن اليمين بطشا وقوة عرفنا الشارع بقوله: وكلتا يديه يمين، فانتفى النقص تعالى عنه، والجارحة على الرب محال. قوله: (فلوه)، بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو: وهو المهر لأنه يعلى أي: يعظم والأنثى: فلوة، مثال عدوة، والجمع: أفلاء، مثل: أعداء. وقال الداودي: يقال للمهر: فلو، وللجحش: ولد الحمار فلوة بكسر الفاء، وقال الجوهري: عن أبي زيد: إذا فتحت الفاء شددت الواو، وإذا كسرت خففت، فقلت: فلو مثل جرو. وفي (المخصص): إذا بلغ سنة، يعني: ولد الجحش، فهو فلو، وعن سيبويه: والجمع أفلاء، ولم يكسر على فعل كراهية الإخلال، ولا كسروه على فعلان كراهية الكسرة قبل الواو، وإن كان بينهما حاجز، لأن الساكن ليس بحاجز حصين، وعن الأعرابي: الفلو كالتلو، وخص أبو عبيد به فلو الأتان والجمع كالجمع إلا أنه لا يحوج إلى الاعتذار من فعلان. وقد فلى مهره إذا فصله من أمه، وأفلاه. وعن ابن السكيت: فلوته عن أمه وأفتليته: فصلته عنها، وعن ابن دريد: فلوت المهر: نحيته. وعن أبي عبيد: فلوت المهر عن أمه فهو فلو، وفرس مفل ومفلية ذات فلو. وفي (المحكم): فلوت الصبي والمهر والجحش فلوا. وفي (الجامع): زاد القزاز: الجمع أفلاء وفلاء. وقول العامة: فلو، خطأ، وجمع الفلوة: فلاوي: مثل: خطايا. وفي (المنتخب) لكراع، يصف أولاد الخيل ولا يقع عليه اسم الفلو حتى يفتلى من أمه، أي: يفطم ثم هو فلو حتى يحول عليه الحول، ثم هو حولي حتى يتجاذع. وفي (المغيث) لأبي موسى: والجمع فلو، بضم الفاء. وفي (كتاب الفرق) لأبي حاتم السجستاني: قالوا في ولد الخيل العراب والبراذين للذكران: مهر، وللأنثى: مهرة، فإذا كانت له سبعة أشهر أو ثمانية يقال له: الخروف، والجمع: خرف. فإذا كانت له سنة فهو: فلو والأنثى فلوة. ولا يقال: فلو ولا فلوة، كما يقول من لا يعلم من العوام، وقد أولعوا بذلك. وفي (كتاب الوحوش): يقال لولد الحمار: مهر وتولب وتالب، وهي المهار والفلاء. قال: وحمر الوحوش على هذه الصفة. وقوله: (كما يربى أحدكم فلوه) ضرب المثل لأنه يزيد زيادة بينة، فكذلك الصدقة نتاج العمل فإذا كانت من حلال لا يزال نظر الله إليها حتى تنتهي بالتضعيف إلى أن تصير التمرة كالجبل، وهو معنى قوله: (حتى تكون مثل الجبل). قال الداودي: أي: كمن تصدق بمثل الجبل، وتربية الصدقات مضاعفة الأجر عليها وإن أريد به الزيادة في كمية عينها ليكون أثقل في الميزان لم ينكر ذلك. وفي رواية مسلم، رحمه الله تعالى، من طريق سعيد بن يسار عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه: حتى تكون أعظم من الجبل. وفي رواية ابن جرير من وجه آخر عن القاسم: حتى يوافي بها يوم القيامة وهي أعظم من أحد. وفي رواية القاسم عند الترمذي بلفظ: (حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد).
تابعه سليمان عن ابن دينار أي: تابع عبد الرحمن سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، هذه المتابعة ذكرها البخاري في التوحيد، وقال: خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار، فساق مثله إلا أن فيه مخالفة في اللفظ يسيرة، وقد وصله أبو عوانة والجوزقي من طريق محمد بن معاذ بن يوسف عن خالد بن مخلد بهذا الإسناد، وقال مسلم: حدثنا يزيد، يعني ابن زريع، قال: حدثنا روح بن القاسم، وحدثنيه أحمد بن عثمان الأودي، قال: حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثني سليمان يعني ابن بلال، كلاهما عن سهيل بهذا الإسناد من حديث روح: من الكسب الطيب فيضعها في حقها، وفي حديث سليمان: فيضعها في موضعها.
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»