قال الله تعالى إنك لا تسمع الموتى.
مطابقته للترجمة في قوله: (إنهم يعلمون الآن أن ما كنت أقول حق)، والذي كان يقوله هو من عذاب القبر وغيره. فإن قلت: ما وجه ذكر حديث ابن عمر وحديث عائشة وهما متعارضان في ترجمة عذاب القبر؟ قلت: لما ثبت من سماع أهل القليب كلامه وتوبيخه لهم دل إدراكهم كلامه بحاسة السمع على جواز إدراكهم ألم العذاب ببقية الحواس فحسن ذكرهما في هذه الترجمة ثم التوفيق بين الخبرين أن حديث ابن عمر محمول على أن مخاطبة أهل القليب كانت وقت المساءلة ووقتها وقت إعادة الروح إلى الجسد وقد ثبت في الأحاديث الأخرى أن الكافر المسؤول يعذب، وأن حديث عائشة محمول على غير وقت المساءلة، فبهذا يتفق الخبران.
ذكر رجاله: وهم قد ذكروا، وعبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم الكوفي وسفيان هو ابن عيينة.
وفي سنده التحديث بصيغة الجمع في موضعين، والعنعنة في ثلاثة مواضع.
ذكر معناه: قوله: (إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم)، جاء بلفظ: إنما، وهي للحصر، قال الكرماني: وكان حديث (ما أنتم بأسمع منهم) لم يثبت عندها، ومذهبها أن أهل القبور يعلمون ما سمعوا قبل الموت ولا يسمعون بعد الموت. انتهى. قلت: هذا من عائشة يدل على أنها ردت رواية ابن عمر المذكورة، ولكن الجمهور خالفوها في ذلك وقبلوا حديث ابن عمر، رضي الله تعالى عنه، لموافقة من رواه غيره عليه. وقال السهيلي: عائشة لم تحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم، فغيرها ممن حضر أحفظ للفظ النبي صلى الله عليه وسلم: وقد قالوا: يا رسول الله أتخاطب قوما قد جيفوا؟ فقال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، قال: وإذا جاز أن يكونوا في تلك الحال عالمين، جاز أن يكونوا سامعين أيا ما كان روسهم، كما هو قول الجمهور، أو يأذن الروح على رأي من يوجه السؤال إلى الروح من غير رجوع الجسد.
قال: وأما الآية فإنها كقوله تعالى: * (أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي) * (الزخرف: 04). أي: إن الله هو الذي يسمع ويهدي. وقال ابن التين: لا معارضة بين حديث ابن عمر والآية، لأن الموتى لا يسمعون، لا شك، لكن إذا أراد الله إسماع ما ليس من شأنه السماع لم يمتنع، كقوله تعالى: * (إنا عرضنا الأمانة...) * (الأحزاب: 27). الآية. وقوله: * (فقال لها وللأرض ائتيا طوعا) * (فصلت: 11). الآية وإن النار اشتكت إلى ربها، ويكون معنى قوله: * (إنك لا تسمع الموتى) * (النمل: 08). مثل قوله: * (إنك لا تهدي من أحببت) * (القصص: 65). ثم قوله تعالى: * (إنك لا تسمع الموتى) * (النمل: 08). في سورة النمل، وقبله: * (فتوكل على الله إنك على الحق المبين إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين) * (النمل: 97 و 08). قال أبو الليث السمرقندي، رحمه الله: هذا مثل ضربه للكفار، فكما أنك لا تسمع الموتى فكذلك لا تفقه كفار مكة ولا تسمع الصم الدعاء، قرأ ابن كثير: ولا يسمع الصم، بفتح الياء وبضم الصم، على أنه فاعل: لا يسمع، والباقون: ولا تسمع، بالخطاب ونصب: الصم، على المفعولية، والصم جمع: الأصم. قوله: * (إذا ولوا مدبرين) * (النمل: 08) يعني إذا عرضوا عن الحق مكدبين وقال الزمخشري (إذا ولوا مدبرين). تأكيد لحال الأصم، لأنه إذا تباعد عن الداعي بأن تولى عنه مدبرا كان أبعد عن إدراك صوته.
2731 حدثنا عبدان قال أخبرني أبي عن شعبة قال سمعت الأشعث عن أبيه عن مسروق عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن يهودية دخلت عليها فذكرت عذاب القبر فقالت لها أعاذك الله من عذاب القبر فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر فقال نعم عذاب القبر قالت عائشة رضي الله تعالى عنها فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر.
مطابقته للترجمة ظاهرة لا تخفى.
ذكر رجاله: وهم سبعة: الأول: عبدان، لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة، وقد مر غير مرة. الثاني: أبوه عثمان بن جبلة بن أبي رواد، واسمه ثابت. الثالث: شعبة بن الحجاج. الرابع: الأشعث، بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح العين المهملة وفي آخره ثاء مثلثة، الخامس: أبوه أبو الشعثاء بالمد، واسمه: سليم بن الأسود المحاربي. السادس: مسروق بن الأجدع بالدال. السابع: أم المؤمنين عائشة.
ذكر لطائف إسناده: فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد. وفيه: الإخبار بصيغة الإفراد كذلك. وفيه: العنعنة