في الآخرة بأن ترفع لهم نار، فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما، ومن أبي عذب. وقال البزار: حدثنا محمد بن عمر بن هتاخ الكوفي حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحسبه قال: (يؤتى بالهالك في الفترة والمعتوه والمولود، فيقول الهالك في الفترة: لم يأتني كتاب ولا رسول، ويقول المعتوه: أي رب، لم تجعل لي عقلا أعقل به خيرا ولا شرا، ويقول المولود: لم أدرك العمل. قال: فترفع لهم نار، فيقال لهم: ردوها، أو قال: أدخلوها فيدخلها من كان في علم الله سعيدا أو أدرك العمل، قال: ويمسك عنها من كان في علم الله شقيا، أي: لو أدرك العمل فيقول: تبارك وتعالى: إياي عصيتم فكيف برسلي بالغيب). قال البزار: لا نعلمه يروى عن أبي سعيد إلا من حديث فضيل، ورواه الطبراني من حديث معاذ بن جبل، رضي الله تعالى عنه، وقيل: قد صحت مسألة الامتحان في حق المجنون ومن مات في الفترة من طرق صحيحة وروى البزار من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بأربعة يوم القيامة: بالمولود والمعتوه ومن مات في الفترة وبالشيخ الفاني، كلهم يتكلم بحجته، فيقول الله تعالى لعنق من جهنم، أحسبه قال: إبرزي، فيقول لهم: إني كنت أبعث إلى عبادي رسلا من أنفسهم، وإني رسول نفسي إليكم أدخلوا هذه. فيقول من كتب عليه الشقاء: يا رب أتدخلناها ومنها كنا نفرق، ومن كتب له السعادة فيمضي فيقتحم فيها مسرعا. قال: فيقول الله: قد عصيتموني وأنتم لرسلي أشد تكذيبا ومعصية. قال: فيدخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار). وروى أيضا من حديث الأسود بن سريع عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: (يعرض على الله الأصم الذي لا يسمع شيئا والأحمق والهرم ورجل مات في الفترة: فيقول الأصم رب جاء الإسلام وما أسمع شيئا ويقول الأحمق رب جاء الإسلام وما أعقل شيئا ويقول الذي مات في الفترة رب ما أتاني لك من رسول، قال: فيأخذ مواثيقهم، فيرسل إليهم تبارك وتعالى: أدخلوا النار، فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما. وحكى البيهقي في كتاب الاعتقاد أن مسألة الامتحان في حق المجنون ومن مات في الفترة هو المذهب الصحيح، واعترض بأن الآخرة ليست بدار تكليف فلا عمل فيها ولا ابتلاء. وأجيب: بأن ذلك بعد أن يقع الاستقرار في الجنة أو النار، وأما في عرصات يوم القيامة فلا مانع من ذلك، وقد قال تعالى: * (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون) * (القلم: 24). وفي الصحيحين: (أن الناس يؤمرون بالسجود فيصير ظهر المنافق طبقا فلا يستطيع أن يسجد).
السادس: أنهم في الجنة، قال النووي: هو المذهب الصحيح المختار الذي صار إليه المحققون، لقوله تعالى: * (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) * (الإسراء: 51). وإذا كان لا يعذب العاقل لكونه لم تبلغه الدعوة، فلأن لا يعذب غير العاقل من باب الأولى. وقال النووي أيضا: في أطفال المشركين ثلاثة مذاهب، قال الأكثرون: هم في النار تبعا لآبائهم، وتوقف طائفة منهم، والثالث هو الصحيح أنهم من أهل الجنة، لحديث إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، حين رآه في الجنة وحوله أولاد الناس. والجواب عن حديث: (والله أعلم بما كانوا عاملين) أنه ليس فيه تصريح بأنهم في النار، وقال القاضي البيضاوي: الثواب والعقاب ليسا بالأعمال وإلا لزم أن تكون الذراري لا في الجنة ولا في النار، بل الموجب لهما هو اللطف الرباني والخذلان الإل 1764; هي المقدر لهم في الأزل، فالواجب فيهم التوقف، فمنهم من سبق القضاء بأنه سعيد حتى لو عاش عمل بعمل أهل الجنة، ومنهم بالعكس.
4831 حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري. قال أخبرني عطاء بن يزيد الليثي أنه سمع أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يقول سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذراري المشركين فقال الله أعلم بما كانوا عاملين.
مطابقته للترجمة من حيث الوجه الذي ذكرناه في وجه مطابقة الحديث السابق للترجمة.
ذكر رجاله: وهم خمسة ذكروا غير مرة، وأبو اليمان الحكم بن نافع الحمصي وشعيب بن أبي حمزة الحمصي والزهري هو محمد بن مسلم المدني.
وأخرجه البخاري أيضا في القدر عن يحيى بن بكير. وأخرجه مسلم في القدر عن أبي الطاهر وعن محمد بن حميد وعن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وعن سلمة بن شعيب. وأخرجه النسائي في الجنائز عن إسحاق بن إبراهيم.